قبل أيام تناقلت وكالات الأنباء قبول البرازيل عرضا من إاحدى الشركات المصنعة لعقارات مهمة لمرض نقص المناعة المكتسبة «الايدز» لتخفيض سعر العقار 30 في المئة. وأثنى وزير الصحة البرازيلي جوميز تمبورا على الاتفاق الذي عرضته شركة (Abbott) التي تصنع عقار (kaletra) وقال ان هذا العرض يجب أن يكون مثالا يحتذى به من شركات الأدوية الأخرى في أنحاء العالم. وكانت البرازيل قد تجاوزت حقوق براءة الاختراع لأحد أدوية الايدز في شهر مايو/أيار الماضي، وهي الآن تستورد علاجا رخيصا من الهند يتجاوز مصنعوه براءة الاختراع. وتبدي شركات الأدوية قلقا من رغبة الدول النامية التحرر من حقوق براءة الاختراع.
يذكر أن البرازيل حازت إعجاب العالم لكيفية تعاملها مع انتشار فيروس (اتش آي في) المسبب للايدز، إذ هي توزع العلاجات مجانا على المصابين. ويعتقد ان هذه السياسة ساهمت في تقليل حالات الوفاة وتخفيض كلف المستشفيات.
والأيدز من الأمراص المكتشفة حديثا إذ تعود البداية الرسمية لاكتشافه إلى 5 حزيران/يونيو 1981 عندما قام المركز الأميركي للتحكم بالأوبئة بنشر بيان صحافي يصف 5 حالات مرضية غريبة. وفي الشهر التالي، تم إشعار المركز الطبي عن حالة سرطان جلد غريبة لأحد المرضى.
لم تكن الحالات المرضية التي أُبلغ بها المركز الطبي غير معروفة، ولكن علاقتها الغريبة برجال مثليين والنقص الشديد في دم المصابين وموتهم بعد بضعة أشهر من التشخيص أثار تساؤلات عديدة.
ولتصادف ظهور المرض الغريب بالرجال المثليين، أطلق عليه الأطباء اسم GRID (إنعدام المناعة المكتسبة ولكن ظهوره الملحوظ في المهاجرين من هايتي وكذلك النساء المثليات ومتعاطي المخدرات جعل التسمية الرسمية «ايدز» في العام 1982.
ولم يقتصر انتشار مرض الايدز على العالم الغربي وإفريقيا بل شمل العالم العربي أيضا. وتعمد بعض الحكومات العربية إلى عدم الإعلان عن الأرقام الرسمية لتفشّي هذا المرض لعلاقته بشكل مباشر بممارسات غير أخلاقية من وجهة النظر العربية المحافظة. فتفشّي مرض الايدز يعبّر عن أمرين لاثالث لهما أوّلهما، انتشار العلاقات الجنسية غير الشرعية التي يمنع قانون الدول العربية ممارستها. وثانيهما، تفشي التعاطي والاتّجار بالمخدّرات في المجتمع والتي يعاقب عليها القانون العربي بغلظة تصل إلى عقوبة الإعدام في بعض الدول. وتشير الأرقام أن البلدان العربية تواجه ثاني أعلى نسبة نمو في العالم من حيث حالات الإصابة بفيروس الإيدز. وبدأت المنطقة العربية التي عرفت دوما بقلة المعلومات المتوفرة عن انتشار المرض تخرج من هذه الدوامة بلجوء عدد من الدول الى تحسين طريقة مراقبتها لانتشار المرض، وتجنيد عدة فئات سواء في مجال الوقاية او الرعاية بل حتى في مجال العلاج.
وحسب آخر تقرير لبرنامج الأمم المتحدة لمحاربة الإيدز (ONUSIDA) وبلغة الأرقام يتمثل في تسجيل 68000 حالة إصابة جديدة في العام 2006 ما يرفع عدد المصابين بالفيروس في المنطقة الى 460 ألف شخص. وعرف العالم العربي وفاة 36000 شخص جراء المرض في العام 2006.
ويشدد التقرير على أن قلة المعلومات تعيق عملية رصد توقعات الانتشار بدقة في العديد من البلدان العربية، وخصوصا داخل الفئات الأكثر عرضة مثل المدمنين على المخدرات وذوي الشذوذ الجنسي ومحترفي الجنس. وحذرت مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أمة العليم السوسوة من «خطر شديد» يتهدد الدول العربية بسبب زيادة معدل الإصابات بفيروس الايدز في المنطقة، مشيرة إلى أن أكثر من 67 ألف عربي أصيبوا في العام 2005 بالفيروس، ما يضع المنطقة في المرتبة الثانية لناحية عدد الإصابات الجديدة في العالم بعد دول شرق أوروبا. وطلب الرئيس الأميركي جورج بوش من الكونغرس منحه 30 مليار دولار على مدى خمسة أعوام لمكافحة مرض فقدان المناعة المكتسب (الأيدز). واعتبر أن ذلك من شأنه مضاعفة التزام بلاده حاليا لمكافحة المرض، إضافة إلى توفير العلاج لحوالي 2.5 مليون شخص. كما رأى أن ذلك سيسهم في منع انتشاره المرض إلى أكثر من 12 مليون شخص إضافي.
30 مليار ولمدة خمس سنوات فقط .. ترى ما هو المبلغ المطلوب رصده عربيا لمواجهة تفشي مرض الإيدز في البلدان العربية، وأين تقع حملات مواجهة الايدز في سلم أولويات صرف مليارات الدولارات من الأموال العربية؟ هل تسبق موازنات الايدز، أم تأتي بعد تلك الموازنات الفلكية التي ترصد لاقتناء ترسانات الأسلحة التي يندر إستخدامها إلا في الاستعراضات العسكرية، أو في المتاحف بعد أن تتحول، وفي فترات قصيرة، إلى معدات غير مؤهلة للاستخدام أو إعادة التصدير.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1768 - الإثنين 09 يوليو 2007م الموافق 23 جمادى الآخرة 1428هـ