العدد 1768 - الإثنين 09 يوليو 2007م الموافق 23 جمادى الآخرة 1428هـ

المتاجرة بالبلد في السوق السوداء

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بحسب الإحصاءات الرسمية البحرينية، فإن هناك حاليا 405 آلاف عامل في القطاعين العام والخاص، وان عدد العمال الأجانب في القطاع الخاص يبلغ 272 ألف شخص، وعدد البحرينيين في القطاع الخاص يبلغ 70 ألف شخص، وعدد العاملين من البحرينيين والأجانب في القطاع العام يبلغ 63 ألف شخص.

وبنظرة سريعة إلى واقع بلادنا نستنتج أن هذه الإحصاءات الرسمية غير صحيحة، وجميع الإحصاءات الأخرى تقريبا، مغلوطة. فعدد العمال الهنود فقط كان في مطلع العام الجاري قد وصل إلى 263 ألف شخص، ووصل في الشهر الماضي إلى 270 ألفا (من الهند فقط)، وهم في ازدياد مطرد ومن دون هوادة.

الأمر الخطير في كل ذلك هو ما كشف عنه عدد من القياديين في القطاع الخاص، ومن بينهم الرئيس التنفيذي لشركة الحد للطاقة، من أن الهنود من ذوي الكفاءات بدأوا يرجعون إلى الهند، وأنه من الصعب اجتذابهم إلى البحرين لأنهم يحصلون على معاشات أفضل في بلادهم. و المصيبة هي أن هناك في الهند نحو 300 مليون شخص يعيشون الفقر المدقع، وهؤلاء يتعيشون على نحو دولار واحد في اليوم أو أقل من ذلك، وهذا العدد يعادل عدد سكان الوطن العربي كله، وأن هؤلاء الفقراء من المتوقع أن يبقوا كذلك إلى 50 عاما أو أكثر قبل أن يصلهم الخير الذي وصل إلى أكثر من 700 مليون هندي.

بمعنى آخر، فإن البحرين لديها بحر هائج من الفقراء تستطيع استيرادهم من الهند للخمسين عاما المقبلة (الاستيراد فعل من أفعال التجارة)، وانها ستعجز عن الحصول على أي شيء أفضل من هؤلاء الفقراء.

وبما أنه ليس لدينا جهاز إحصاء دقيق، وان الاحصاءات الموجودة تستخدم لأغراض سياسية أكثر منها لأغراض تخطيطية للبلاد، فإن عدد الهنود مع نهاية العام الجاري ربما يصل إلى مابين 275 إلى 280 ألف شخص، وإضافة الى ذلك سيزداد عدد العمال الأجانب من الدول الأخرى، من دون أي إمكان للوقوف على حدود المشكلة التي نعاني منها. وحاليا تقول الاحصاءات إن لدينا في البحرين 743 ألف نسمة، ولكن الواقع هو أن عدد نسمة البحرين (مع كل الأجانب) ربما وصل إلى مليون شخص، وانه ليس لدينا أية تسهيلات تحتمل هذا العدد الكبير (مثلا: محطة توبلي لم تعد تحتمل معالجة المياه لمليون شخص).

لقد دخلنا في القائمة السوداء (الأميركية) للمتاجرين بالبشر، واننا أيضا ضمن الدول التي تنتقدها الأمم المتحدة لأن لدينا بشرا «نتاجر بهم». إن الأخطر من المتاجرة بالأفراد هو ان هناك من لايؤنبه ضميره لو تاجر بالبلد كله، وهذه المتاجرة تتم حاليا على طريقة «السوق السوداء»، إذ يجري كل شيء من دون إحصاءات ومن دون رقيب أو حسيب.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1768 - الإثنين 09 يوليو 2007م الموافق 23 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً