في الحقيقة أنا لا أذهب إلى إساءة الظن بأي إنسان، خصوصا من يبعث معلقا على مقالاتي بالسلب أو بالإيجاب، إذ حسن الظن مقدم على سواه. واعتبر النقد الموجه للكاتب، أي كاتب، هو كرامة ونعمة من الله سبحانه وتعالى إذ هيأ له من ينتقده، وينير دربه بوجهات النظر المختلفة. وبالتالي، عليه أن يشكر الله كثيرا على ذلك، لا أن يستاء من النقد! وصدق عمر بن الخطاب (ر) حينما قال: «رحم الله امرئ أهدى إليّ عيوبي».
بعض القراء الأعزاء، الذين فضلهم عليّ - بعد الله سبحانه وتعالى- كبير، أثار استياءهم وصف «الوفاق» بأنها النبتة السياسية الطائفية الأولى المشرعنة قانونا في البلاد. إلى هنا وتوقف من استاء من المقال، ولم يكمل الفقرة، والتي كانت: «ومن بعدها، كانت للقوى الاجتماعية «السنية» رأيا مماثلا لكي تكتمل المحاكاة، والمماحكة فيما بعد، والانتظام في النسق ذاته، والوتيرة ذاتها لطائفية «الوفاق»؛ ولكن على النقيض السياسي منها!.
إن تجاهل العبارة الواردة والمكملة في المقال، تؤكد على وجود المنظار الطائفي الذي يرى من خلاله كثير من الناس في البحرين (السنة والشيعة)... ألست أنتمي لطائفة أخرى، إذا، فالشك مقدم لتفسير كل ما أكتبه، وكذا يحدث لأي كاتب ينتمي إلى طائفة أخرى! ومع ذلك فإني أنظر للتفاعل مع ما يكتب بالمنظار ذاته، دليل صحة ما ذكرته سالفا من استشراء الطائفية في جميع تفسيراتنا للظواهر الاجتماعية والتطورات السياسية. إذ لم يذهب أحد إلى نقض أو تقويض ما ذكرته بشأن التأريخ الدقيق وما رافق تأسيس «الوفاق»، بل ذهبوا إلى أن مجرد ذكر ذلك هو فعل طائفي، بل وعبر أحدهم بأنني «سني طائفي»! وتلك مسألة أخرى، فبعض الإخوة السنة من أبناء الوطن يعتبرون كتاباتي ممالئة لبعض الأطروحات السياسية لبعض الشيعة، في حين يقذفني بعض الإخوة الشيعة من أبناء الوطن بأنني سني طائفي! وأعتقد أن على الإخوة جميعا، من هذا الفريق أو ذاك، مراجعة رزمة المقالات المتوافرة بأرشيف «الوسط» للاطلاع على كتاباتي الممالئة لبعض الشيعة أو تلك الطائفية جدا جدا!!
في الحقيقة، أنا في غاية السرور والانبساط، إلى الحد الذي يصل إلى الانشكاح، من هذه النعوت السنية والشيعية على حد السواء. فإن «تكالبت عليك الهموم سقطت جميعها». فما بالك إن كانت تلك الهموم «سموم طائفية» ؛ فإنها بلا ريب ساقطة جميعها!
لست هنا ناكئا لجرح الوطن، فذاك كفيل بعلاجه وتدارك أمره من كان سببا فيه، وهم أهلنا وأحبابنا في «الوفاق» و«المنبر الإسلامي» و«الأصالة»، وعليهم مراجعة إطروحاتهم وبنيانهم المزركش بعناوين «الوطنية» و«الوطني»... إذ لا انطباق ولا تجانس ولا وحدة هدف بين مصطلحي الوطنية والوطني على جمعية سياسية تمارس العمل السياسي أفرادها من طائفة واحدة؟! طبعا ما ينطبق على «الوفاق» ينطبق على أخواتها «المنبر الإسلامي» و«الأصالة»... ومن وجهة نظري لا يحق أن يتحدث أحد عن جمعيته بأنها وطنية والمنضويين تحت عباءتها هم أبناء طائفة واحدة فقط! فالعمل السياسي هو عامل مشترك بين جميع أبناء الوطن، ولا ينبغي طأفنته. والدستور نص على، أن النائب تحديدا يمثل الوطن بأسره، فكيف يستقيم تمثيل الوطن بأسره لدى نائب يتباهى بأنه طائفي ويلتزم بقرارات جمعيته الطائفية؟! هل الوطن ملك لأبناء طائفة محددة أم للمواطنين جميعا؟!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1767 - الأحد 08 يوليو 2007م الموافق 22 جمادى الآخرة 1428هـ