الحديث الذي يدور حاليا عن قرب إعلان شركة طيران بحرينية أخرى غير «طيران الخليج» ليس في صالح البحرين. فلقد عانت البحرين كثيرا من تشكيلة وملكية «طيران الخليج» السابقة، والآن تمتلك البحرين كامل أسهم شركة طيران الخليج، والحكومة تصرف على الشركة نحو عشرة ملايين دينار شهريا بهدف موازنة وضعها وإعادتها إلى الربحية ومن ثم بيع أسهمها (أو جزء مهم منها) للقطاع الخاص بعد عامين أو ثلاثة.
البحرين ذات المساحة الصغيرة، لا تحتمل وجود شركة طيران أخرى، سواءٌ من النوع الرخيص (رحلات اقتصادية)، أو من النوع التقليدي، والموضوع الصعب الذي نواجهه يحتم علينا إما أن نقف مع شركة طيران الخليج وإما نغلقها، لا أن ننافسها في سوق صغيرة. نعم، يجب أن تتحوّل الشركة إلى الوضع التنافسي بحسب متطلبات السوق الإقليمية والعالمية، وتنتهي مسارب الفساد فيها، وتنطلق مرة أخرى لخدمة البحرين أولا وأخيرا. ولكن في حال انطلقت شركة أخرى فذلك يعني أن «طيران الخليج» لن تستطيع موازنة وضعها، بل إننا قد نشهد تفاقم الأوضاع بشكل لا يخدم البحرين.
من المتوقع أن تشهد «طيران الخليج» «تطويرا إداريا وفنيا يؤمل في أن يعزز من مكانتها بين الشركات العالمية ويعيدها إلى الأداء التنافسي»، حسبما قاله سمو ولي العهد في مايو/ أيار الماضي، وذلك بعد أن تحوّلت ملكية الشركة بالكامل إلى مملكة البحرين... كما أعرب ولي العهد عن دعمه خطة إنقاذ الشركة وأعلن ثقته بمجلس الإدارة والإدارة التنفيذية «في بذل الجهود للارتقاء بأداء الشركة»، وأكد «أن مملكة البحرين التي دعمت شركة طيران الخليج منذ تأسيسها ارتأت أن تكون هذه الشركة باسمها العريق الناقلة الوطنية لها وستعمل على دعمها وتطويرها لتبقى في وضع التنافس في تقديم خدمات النقل الجوي إلى جانب الخطوط الجوية العالمية باعتبارها إحدى دعائم الاقتصاد الوطني البحريني».
إن خطة إعادة الهيكلة التي اعتمدتها الشركة في الفترة الأخيرة تتطلب إفساح المجال للإدارة الجديدة لإثبات قدراتها قبل أن نقضي على الفرصة من خلال تأسيس شركة أخرى للمنافسة. إن الهزات التي تعرضت لها شركة طيران الخليج في الفترات الأخيرة أثبتت أن الخلل كان في الشلل على مستوى القرار الاستراتيجي، وفي الفساد المستشري في زوايا ظلت مظلمة لفترات طويلة جدا.
إن الشركة تحتاج إلى عام ونصف العام كي تعود إلى الربحية، وعلى من يود أن يؤسس شركة أخرى الانتظار سنتين أخريين، وبعدها سنعرف إذا كانت هناك حاجة إلى إلغاء الشركة بالكامل، أو منافستها بشركة أخرى. وهناك قناعة أن الشركات الاستشارية العاملة مع «طيران الخليج» حاليا، والقيادة التنفيذية الحالية قد مرت بتجاربَ مماثلة واستطاعت وقف نزيف الخسائر في حالات مماثلة، والأفضل أن نعطيهم الفرصة كي يثبتوا جدارتهم بالنسبة إلى «طيران الخليج».
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1767 - الأحد 08 يوليو 2007م الموافق 22 جمادى الآخرة 1428هـ