العدد 1766 - السبت 07 يوليو 2007م الموافق 21 جمادى الآخرة 1428هـ

المجتمعات المسيّجة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تزداد ظاهرة «المجتمعات المسيّجة» في البحرين، ولعلّ أقدمها كانت مدينة عوالي النفطية التي أنشأتها شركة بابكو بعد اكتشاف النفط لسكن أفراد الإدارة العليا والمهندسين والأميركيين والأوروبيين، واحتوت المدينة على تسهيلات راقية لعقود طويلة، ولم يكن بالإمكان دخولها - في وقت مضى - إلا للمصرّح لهم.

وفي زماننا الحالي أصبحت «المجتمعات المسيّجة» منتشرة في كل مكان، وأصبحت منطقة سار تحوي «مجتمعات مسيّجة» على مساحة تبلغ أكثر من نصفها، وربما تصل إلى ثلثيها، وجميع القرى تقريبا تحوّلت إلى مناطق سكنية تنافس إفريقيا من ناحية مظاهر الفقر وسوء الخدمات، وفي وسط هذه الحال توجد عدّة مجتمعات مسيّجة، ترتفع سياجاتها عاليا، ومحروسة بشركات أمن خاصة، ولو قدر لشخص ما أن يدخلها فإنه سينتقل من أحياء تشبه إفريقيا المدقعة في الفقر إلى أحياء تنافس مانهاتن في الولايات المتحدة الأميركية من ناحية الجمال والتسهيلات.

وبعد انتشار المجتمعات المسيّجة في وسط المناطق السكنية في بلادنا، بدأت في الفترة الأخيرة ظاهرة المدن المسيّجة، ولدينا الآن عدّة مدن وجزر سياحية أصبحت أو ستصبح جميعها مسيجة، وخدماتها تديرها شركات خاصة، توفر مالا تستطيع البلديات تقديمه، ومحروسة بشركات الأمن من كل جانب، ويملكها شخص واحد أو شركة واحدة، والتزاماتها شخصية (لا علاقة للوطن فيها) أو تجارية بحتة.

ربما أن هناك مبررا بعض الأحيان لوجود مجتمعات مسيّجة، مثل: وجود مهندسين وعوائلهم في قطاع استراتيجي، كما كان حال عوالي سابقا، وأرامكو السعودية حاليا... أو قد يكون المبرر يخص أمن الدولة العليا، كأن توجد عوائل عسكرية في منطقة واحدة. ولكن أن تتحوّل معظم مناطق البلد إلى مجتمعات مسيّجة فإن الوضع يحتاج إلى مراجعة.

ففي البرازيل تنتشر هذه المجتمعات المسيّجة، والسبب أن هناك الأغنياء الذين يملكون كل شيء في هذه الدنيا، وإلى جانبهم يوجد أناس يعيشون على فضلات القمامة... والبرازيل أمامها هذا التحدّي لكي تتخطاه إذا أرادت أن تتحوّل إلى قوة كبرى في يوم من الأيام، آخذين في الاعتبار الموارد العظيمة المتوافرة لها.

أما في ماليزيا، فإن الحكومة هناك تمنع المجتمعات المسيّجة، ولايمكن لمجموعة اثنية أو دينية أو تجارية أن تستحوذ على طريق أو مساحة وتضع حاجزا خاصا عليه، وذلك لأن مثل هذه المجتمعات المسيّجة تهدد كيان المجتمع الأم الذي يضم كل الناس.

إن علينا (في البحرين) أن نعيد النظر في سياسة المجتمعات المسيجة؛ لأنه وكما يبدو فإن بلادنا خلال العشر أو العشرين سنة المقبلة ستتحوّل إلى مانراه في سار حاليا... «ثلثا المناطق مسيّجة»، وثلث غير مسيّج، ولكنه متهالك ومتروك لفئات المجتمع التي لاتمتلك المال للدخول ضمن السياج، يزاحمهم في هذا الأمر العمال الوافدون الذين يُستجلبون من شتى بقاع الأرض، والذين بسبب معاملتنا لهم أصبحنا في قوائم سوداء للاتجار بالبشر.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1766 - السبت 07 يوليو 2007م الموافق 21 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً