العدد 1765 - الجمعة 06 يوليو 2007م الموافق 20 جمادى الآخرة 1428هـ

القرار الأعور

علي محمد جبر المسلم comments [at] alwasatnews.com

لاشك أن القرار الذي اتُخذ بشأن حظر العمل ظهرا هو قرار فقئت إحدى عينه، فهو لا يرى إلا من جانب واحد الجانب الإنساني الزائد الذي أُريد به نفعا لكنه أضرّ. لذلك صح اعتباره قرارا أعور لأنه لا يعالج إلا جانبا من مشكلات متداخلة ومترابطة بعوامل أخرى يُشتم رائحتها من الجانب الآخر.

القرار جيد بحد ذاته وله لمسة إنسانية كريمة واحدة فقط وله بالمقابل خمس مضار فلا أدري كيف قيست المصلحة العامة في تطبيقه بهذه الشاكلة التي ليست في مصلحة العامل أو صاحب العمل أو الدولة للأسباب الآتية:

بالنسبة إلى العامل المنكوب في وقته بهذا القرار، وخصوصا العامل في قطاع الحفريات البرية المكشوفة بجميع أشكالها انقلب الحال بالنسبة إلى ظروف عمله رأسا على عقب فبدل أن يعمل لدوام واحد ثم ينصرف ليستريح ويقضي لوازم معيشته من إعداد الطعام وغسيل ملابس وملاقاة الأصدقاء، قصف هذا القرار حياته قصفا ولخبط كل أوقاته وراحته النفسية وأضاع عليه نحو أربع ساعات هو في أمسّ الحاجة إليها فلا هو قادر على الاستحمام والخروج من أجواء العمل القاتلة أو أن يستغلها في إدارة شئونه الخاصة فيما عدا الخمول أو الاسترخاء أو النوم وهي ساعات طويلة مملة تخنقه خنقا وبالتالي أصبحت ساعات ضياع وخسارة للعامل.

أما بالنسبة إلى صاحب العمل فهي ساعات معطِلة بقوة هذا القرار الأعور الذي ارتأى أن المصلحة العامة في الشلل والتوقيف التام على الاستمرار في دوران عجلة الإنتاج مع وجوب تحسين ظروف العمل أو توفير مستلزمات الحماية والرعاية الواجبة في الأجواء الحارة أو الباردة أو الماطرة، فمملكة البحرين ليست إستثناء من دول العالم الأخرى التي تعمل في أجواء أكثر قساوة حر ورطوبة وحرارة لاهبة أو صقيع وثلج وجليد.

المشكلة الأخرى بالنسبة إلى العامل هي أين سيستريح في ساعات التوقف وكيف ستنقضي الساعات الأربع الضائعة بالنسبة إلى الطرفين (العامل وصاحب العمل) في مواقع عمل غير مكتملة وليس بها في بعض الأحيان كهرباء أو حتى مرافق عامة إلا ما ندر، فهل على العمال تحمل المزيد من المعاناة في فقدان الوقت والعمل بالوقت الإضافي، أم الانتقال في تلك الفترة الطويلة إلى محل إقامتهم وبالتالي زيادة الضغط المروري ذهابا وإيابا وزيادة مصاريف النقل والكلف الأخرى؟

إن المحصلة العامة تقتضي إرجاء هذا القرار الذي ليس فيه فائدة لكل الأطراف، فعلاوة على خسارة العامل في العمل بالوقت الإضافي وصاحب العمل والدولة في تأخير تسليم وتسلم المشروعات في أوقاتها وكذلك الخسارة المترتبة تباعا على شركات الخدمات الأخرى كالخرسانة والأسقف الجاهزة والطابوق والخدمات المصاحبة، لذلك صار واجبا على الدولة وقف هذا القرار وإخضاعه لمزيد من الدراسة والبحث عن حلول أخرى تتفق والمصلحة العامة. نسألك اللهم اللطف بنا.

إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"

العدد 1765 - الجمعة 06 يوليو 2007م الموافق 20 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً