ما تجدر الإشارة إليه هنا أن الصورة ليست وردية بالمطلق كما قد تبدو للعيان، فقد أظهر بحث إحصائي عن جهاز «آي فون» لشركة أبل للاتصال التليفوني عبر الإنترنت أن مستخدمي أجهزة التليفونات المحمولة علي رغم معرفتهم بتقنيات هذا الهاتف فإنهم لن يشتروه، حتى وإن توافرت لديهم أموال وفرص شرائه. ويرجع السبب في ذلك حسبما جاء في البحث الذي أجرته شركة ماركتكتشر الأميركية إلى أن الكلفة الشهرية لهاتف «آي فون» للاتصال عبر الانترنت تزيد عن كلفة التليفون المحمول العادي. وأجري هذا الإحصاء على 1300 شخص، وذكر 77 في المئة منهم أنهم سمعوا عن تليفون الانترنت «اي فون» و41 في المئة لديه انطباع جيد عن أداء هذا التليفون، وأما ثلثا هذه النسبة فقد رأت أن فرص شرائها لهذا التليفون تصل إلي الصفر بسبب كلفته العالية. يذكر أن شركة ابل كانت أطلقت هذا الهاتف لتقديم خدمة الاتصال بالانترنت لإجراء المكالمات التليفونية من تليفون محمول.

وقامت شركة أبل بالإفراط في الإعلان عن هاتفها المنتظر «آي فون» إذ بدأت الشائعات تظهر مجددا، تماما كما كان الحال في اليوم الذي تلا أول إعلان تجاري يظهر ميزات للهاتف الجديد.

وأكد المحلل جون جاكسون من مجموعة (Yankee) أن الفوائد التي ستعود على أبل من وراء هاتفها المتميز آي فون تعتمد على التحكم في أربعة عناصر تسويقية مهمة مع أسلوب تسويق كلاسيكي وتلك العناصر تتمثل في الترويج للمنتج وسعره بالإضافة لعنصر التوزيع.

وأعرب جاكسون عن عدم اقتناعه بأن أبل ستبيع 10 ملايين جهاز في 18 شهرا المقبلة، ومع ذلك فقد أكد أن الشركة بصدد توجيه صدمة قوية لصناعة الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة وهناك فعلا دراسة لمجموعة (Solutions Research) تدعم وجهة نظره.

ووفقا لتلك الدراسة فإن الجهاز يتمتع بقدرة إغراء عالية إذ تشير الدراسة الى أن المستهلكين المهتمين بشراء هاتف آي فون الذي يبلغ سعره 500 دولار تبلغ نسبة الرجال منهم 72 في المئة أما النسبة المتبقية وهي 28 في المئة هن من النساء ومتوسط العمر لهؤلاء المهتمين بهاتف آي فون يبلغ 31 عاما.

وتؤكد الدراسة كذلك أن 31 في المئة من المهتمين بشراء هاتف آي فون تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما وهناك كذلك 32 في المئة منهم تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاما كما أن 31 في المئة منهم تتراوح أعمارهم بين 35 و49 عاما. أما بالنسبة الى شريحة المستخدمين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما فهم أقل اهتماما بشراء الجهاز الجديد إذ بلغت نسبة تلك الفئة من المستخدمين 6 في المئة فقط. وطبعا فإنها ليست الفئة التي تمثل هدف أبل الرئيسي.

وأشار جاكسون إلى أن أبل تتحكم تماما في جميع العمليات المتعلقة بالجهاز الجديد ومنها قنوات التوزيع، وهو ما يجعل المنافسين المباشرين لأبل ليسوا (LG) و(Motorola) و(Samsung) ولكنها شركات تقديم الخدمة مثل سبرينت (Sprint) وفرايزون (Verizon). وبشكل عام فإن جاكسون يرى أن آي فون سيكون مفيدا وملائما للسوق. وبالنسبة لشركة أبل فمن المحتمل أن تستطيع أولا من تحقيق هدف العشرة ملايين جهاز في 18 شهر بعد طرح الجهاز في السوق كما أعلنت. وأشار جاكسون إلى أن أبل من المحتمل ألا تمانع في تحقيق نصف هذا العدد.

ما يهدد آي فون أيضا هو ما أعلنته شركة سيسكو للالكترونيات من أنها رفعت دعوى قضائية ضد شركة أبل بعد أن أعلنت الأخيرة عن إنتاج هاتف نقال باسم آي فون. وقالت الشركة إن اسم «أي فون» مسجل تجاريا باسمها منذ العام 2000 معربة عن أملها في أن يتم حل هذه المشكلة بالتفاوض.

هكذا تغير «أبل» العالم، إذ تأخذ أعدادا كثيرة من الأبحاث من مختبرات الغير لتقوم بتهذيبها وسد نواقصها، وبالتالي شحنها كمنتجات استهلاكية «ساخنة» وجذابة يمكن للجميع شراؤها. وسواء كان النجاح أو الفشل حليف «آي فون» فإن العالم سيتذكره كأول خطوة رئيسية كبرى نحو الجيل الثالث من تقنيات تفاعل مستخدم جهاز الكومبيوتر الشخصي التي طبقت على نحو إبداعي في الهواتف النقالة الذكية.

لقد هزت أبل صناعة الحاسب الشخصي بيمينها في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، فهل تهز أبل، عن طريق آي فون، صناعة الهواتف الذكية بيسارها في مطلع هذا القرن؟