لم يكن هذا المواطن المسكين يتوقع أن يحصل على هذه الهدية في الصباح الباكر... كان يريد سحب 100 دينار ليشتري بها حاجيات منزله، وفوجئ بوجود 20 دينارا «مقروضة» من النصف تقريبا!
احتاج صاحبنا إلى دقائق ليستوعب الموقف ويعيد حساب بقية الأنواط ويتأكد من سلامتها، وبعد ذلك توجه إلى المصرف ليستبدل النقد، إلا أن الموظف أخبره بأن المصرف غير مسئول عن هذا النقد، فما الذي يؤكد بأنه سحب من الصراف الآلي؟! أخذ المواطن يحلف بأنه لا يملك إلا هذه الـ100، ومن الصعب عليه خسارة 20 دينارا لأنها كل ما لديه.
حكايات النقود عجيبة وغريبة، وخصوصا الـ 20 دينارا! أذكر أن أحد الشباب تحايل على بائع في برادة في إحدى القرى حين أعطاه 20 دينارا مزورة واشترى بمئتي فلس ليرجع عليه البائع بقية النقود، ويكتشف بعد دقائق أن النقد مزور، ولم يتمكن من عمل شيء إلا ندب حظه، وبقي حبيس الدار يوما كاملا يتأمل في ذلك النقد الذي لا يسمن ولا يغني، لأن 20 دينارا تساوي ربع معاشه الشهري، ومن يدري لربما اشترى بها حاجيات من أحد أصدقائه العاملين في البرادات.
وبالنسبة إلى النوط المقروض، يقول صاحبنا الذي حصل على هدية في أصبوحته التعيسة: «يمكن دخل فار في مكينة البيزات وأكل النيطان، لكن هالفار الملعون ما حصل إلا الـ20 اللي سحبتها، يعني على الأقل يقرض 10 دنانير أهون علينا»!... وهذا الشخص لديه قصة عجيبة، ربما هي قصة مرتبطة بغالبية البحرينيين، فهو يتسلم راتبه الشهري الذي يبلغ 220 دينارا في يوم 28 من كل شهر، ويبقى لديه 130 دينارا بتاريخ 29، ويشتري أغراض المنزل بتاريخ 30، لتبقى لديه 30 دينارا حتى نهاية الشهر تشمل إيجار الكهرباء والماء والهاتف! ولكن القصة لا تسير على هذا النحو، ففي الأسبوع الأول يستلف من البرادة المجاورة لمنزله مع أنه سدد ديونه لها في بداية الشهر، إلا أنه يضطر إلى الرجوع والاقتراض من جديد!
والمشكلة الأخرى التي باتت تؤرق خلد صاحبنا الذي يعتبر مثالا مطابقا لحال الكثيرين، هي رؤية إعلانات زيادة أسعار السلع الاستهلاكية تلاحقه في كل مكان، حتى أنه وعد أولاده بشراء عشاء من المطعم الواقع في القرية في الشهر الذي تسلم فيه زيادة بسبب عمله الإضافي، وحمل معه 4 دنانير لشراء صحن شاورما لحم و»حمص» و»تبولة» وبعض الحلويات، إلا أنه تفاجأ بإعلان في المحل كتب عليه: «نعتذر لزبائننا الكرام عن زيادة طفيفة في أسعار المشويات، نظرا إلى ارتفاع السعر في السوق»! أعاد حساب المبلغ بحسب السعر الجديد، فرجع إلى المنزل حاملا معه «بيتزا» بدلا من المشويات، الأمر الذي شكل صدمة لأولاده!
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1765 - الجمعة 06 يوليو 2007م الموافق 20 جمادى الآخرة 1428هـ