لا يكفي الزائر العربي للأندلس أن يردد متشوقا (جادك الغيث) فزمان الوصل بالأندلس ترك من الشواهد والآثار ما يستحيل على النسيان محوه، وتتذكر حينها فاتح الأندلس القائد طارق بن زياد... فالأندلس، هي أشهر المناطق في إسبانيا عند العرب وهي ذات التاريخ الإسلامي الكبير شهرة بشمسها وبشعرائها وبتقاليدها وبفنونها الشعبية وبتاريخها وبالتراث الإسلامي الذي تحتفظ به وشهرتها عند الإسبان بأنها منبع الفنون.
فعندما تحظى بزيارة بالأندلس تسير بين الواحات الخضراء والأرض المكسوة بثمارها، فتدرك أن عبقرية المكان تنعكس على ما ينتجه من حضارة إسلامية شامخة، وتتجول في شوارع قرطبة وغرناطة وأشبيلية فتستحيل الذاكرة واقعا حيا وأنت تسمع الكلمات والأسماء العربية ترن في أذنيك.
فحضارة العرب وعمارتهم في الأندلس فاقت كل ما أنتجته الحضارة العربية الإسلامية في أماكن أخرى، جعلت الدول المحيطة بها الأوروبية أو الإفريقية منها سرعان ما انتهجت نهج الأندلس في زخرفة مساجدها ومحاريبها وهندستها المعمارية، فهنا امتزجت الحضارة بالطبيعة فخلقت إنموذجا سمحا اعترف بالتعدد والاختلاف و كانت أوروبا لا تزال في عصورها الوسطى.
مئذنة وبرج (للمسجد - الكاتدارئية) في قرطبة الماء هو العنصر الغالب والمكون الأوضح في هذه الحضارة، وينقسم المؤرخون في تفسير ذلك: فريق يرى أن العر الفاتحين القادمين من رحم الصحراء عرفوا قيمة الماء فبرعوا في الاستمتاع به، وآخر يرى أن الأندلس عكست في النفس العربية الصورة المبتغاة لجنات الخلد التي وصفها القرآن الكريم فصارت فردوسهم على الأرض.
لم يبالغ إذا ابن خفاجة الأندلسي وهو يخاطب أهل الأندلس قائلا:
لا تحسبوا في غد أن تدخلوا سقرا
فليس تُدخل بعد الجنة النار
طارق بن زياد
يعرف طارق بن زياد الليثي بأنه فاتح الأندلس، واختلف المؤرخون في أصله فقيل إنه فارسي، وقيل إنه إفريقي. وقد اشتهر طارق بن زياد بخطبته الشهيرة عندما جمع جيشه في موقع وادي لكة، وأحرق سفنه وخطب في أصحابه بخطبته التي اشتهر فيها وقال فيها: (أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم...)
والأندلس الحالية ليست هي الأندلس التي نعرفها أيام فتحها، فالأندلس في الجغرافية الإسبانية الحالية هي عبارة عن الجنوب الإسباني وبها 8 محافظات وهي على النحو التالي:
أشبيلية
ثالث المدن الإسبانية من حيث الحجم تقع على نهر الوادي الكبير وهي عاصمة المنطقة الأندلسية بها أحياء شعبية مثل حي سانتا كروث لوجود الآثار بها وبالأخص العربية منها، وتبرز من بين الآثار العربية القلعة العربية القديمة والجيرالدا وهي مئذنة المسجد الذي تم تحويله فيما بعد إلى برج لأجراس الكاتدرائية القوطية الكبيرة وكذلك برج الذهب المطل على نهر الوادي الكبير الذي كان دعامة الأسوار التي بناها الموحّدون حول المدينة.
قرطبة
تقع أيضا على وادي النهر الكبير شمال شرق أشبيلية كانت هي عاصمة الخلافة الإسلامية، بها آثار إسلامية رائعة مثل جامع قرطبة وقصر الزهراء وهي مدينة غنية عن التعريف في تاريخنا الإسلامي، وهي مدينة ترجع إلى العصر الروماني, وقد بلغ عدد سكانها أيام الدولة الإسلامية خمسمائة ألف نسمة، أما اليوم فإن سكانها أكثر من مئتي ألف، وأشهر شوارع قرطبة هو متنزه القبطان الأعظم، بالإضافة إلى شارع كاناليخاس، وتوجد ساحة لمصارعة الثيران، ويوجد ميدانان تجاريان هما: ميدان أشبيلية وميدان كانوباس.
ومن أهم الآثار الموجودة في قرطبة هو الجامع الكبير ويقع على بعد أمتار شمال نهر الوادي الكبير، وهو المسجد الذي بناه عبدالرحمن الداخل، وزاد في هذا الجامع ورممه عبدالرحمن الناصر وابنه الحكم المستنصر والحاجب المنصور.
وتشتمل قرطبة على القنطرة الرومانية التي جددها المسلمون، بالإضافة إلى وجود المتحف الأركيولوجي والذي يشتمل على أحواض رخامية وزخارف أندلسية وغيرها.
وتعتبر قرطبة مدينة الخلافة الأموية في الأندلس حتى سقوط الخلافة العام 1031 ميلادية، ويشير إلى ما تبقى من جامعتها التي كانت الأولى في أوروبا وأنجبت الوليد بن رشد (أفيروس) وابن باجه وبن طفيل ومحمد الغافقي وابن حزم الأندلسي.
على مساحة 24 ألف متر أقيم المسجد الجامع في قرطبة ليكون واحدا من أكبر مساجد العالم الإسلامي، بدأ بناؤه عبد الرحمن الداخل في العام 755 وتم توسيعه ثلاث مرات حتى وصل مساحته الحالية.
جدارن مسجد قرطبة لاتزال تحمل النقوش الإسلامية يقوم المسجد الجامع على أكثر من ألف عمود، لم يرغب الإسبان في هدم المسجد عقب سقوط قرطبة فحولوه إلى كنيسة تملأ جدرانها النقوش القرآنية تتداخل مع التماثيل والأيقونات المسيحية وشواهد رفات القديسين ورجال الدين الذين دفنوا في المكان.
غرناطة
تحتل مكانا ممتازا على سفح جبل الثلج وهي آخر المدن الإسلامية سقوطا في الأندلس يوجد بها قصر الحمراء الذي بناه ملوك بني الأحمر وهو قصر رائع يقع على مرتفع تتخلله الباحات والحدائق الرائعة والنوافير وساحة الأسود.
مالطة
وهي مدينة ساحلية ذات مناخ معتدل في الشتاء تطل عليها قلعة عربية ضخمة تعرف باسم القصبة، وتضم أماكن سياحية مثل ماربيــا وهي مدينة تكثر فيها السياحة وبالأخص من ناحية السياح العرب، وكذلك تورمولينوس، فينخيرولا، بنا المدينة, اسطبونة، ميخاس، روندا وغيرها حيث تتميز بشواطئها وموانئها.
المرية
هي أحد المدن التي حافظت على التراث العربي بأكبر قدر من النقاء الممكن, وتطل عليها القصبة العربية وشواطئها هادئة ومنعزلة نسبيا.
قادس
أحد أقدم المدن الإسبانية وهي من المدن الجميلة الهادئة.
ولبة
ميناء صيد مهم تحتفظ هذه المدينة على عدد من الذكريات عن مرور كريستوفر كولومبوس بتلك المنطقة قبل سفره إلى أميركا، لا توجد بها آثار أندلسية عدا في متحف ولبة.
جيّان
لها أهمية كبيرة في التاريخ الإسلامي في الأندلس.
العدد 1765 - الجمعة 06 يوليو 2007م الموافق 20 جمادى الآخرة 1428هـ
حضارة العرب وعمارتهم في الأندلس فاقت كل ما أنتجته الحضارة العربية الإسلامية
قصر الحمراء.. شاهد على روعة الحضارة الإسلامية في الأندلس
ما هي الأندلس؟ هل هي فقط مطبخ وموسيقى وأشعار؟ لا ريب في أن ذلك شيء مهم ويحق لنا أن نخلده ونفتخر به. ولكن ينبغي أن نذهب الى أبعد من ذلك لكي نتوصل الى عصارة الاندلس، الى جوهر الاندلس، الى روح الاندلس
اذا كان هناك بلد واحد في العالم العربي مرشح للعب نفس الدور الحضاري حاليا فهو الإمارات وو المغرب
الإمارات هي الأندلس الجديد درة عربية تزين التاج العرب