ينقل سائق ماكلارين مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون الضجة المحيطة به، اثر دخوله عالم رياضة الفئة الأولى بقوة غير مسبوقة وتصدره لترتيب بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا 1، إلى بلاده الأم في جائزة بريطانيا الكبرى، المرحلة التاسعة من البطولة التي تستضيفها حلبة سيلفرستون نهاية الأسبوع الجاري.
ومما لا شك فيه أن الأنظار والأضواء والضغوط كلها ستظلل سعي السائق الشاب الى احراز فوزه الثالث هذا الموسم بعد سباقي كندا والولايات المتحدة، ما منحه صدارة البطولة بفارق 14 نقطة عن زميله في فريق ماكلارين الاسباني فرناندو الونسو بطل العالم في العامين الماضيين.
وفي الوقت الذي صعد فيه هاميلتون إلى منصة التتويج في كل مراحل البطولة حتى الآن، وسبق ان خطف الأضواء من جميع السائقين وخصوصا الونسو الذي ابدى امتعاضه من هذا الأمر في مناسبات عدة، فان الأنظار ستتركز بشكل اكبر على الأسمر «المبتدئ» إذ سيحتشد مواطنوه في مدرجات الحلبة العريقة لمؤازرته في سعيه لتحقيق أول فوز بريطاني هناك منذ عام 2000 عندما ظفر ديفيد كولتهارد بالمركز الأول على متن ماكلارين تحديدا.
وينظر البريطانيون الى هاميلتون اليوم على انه نقل فورمولا 1 في البلاد إلى مرحلة جديدة، وأعاد اعتبار رياضة السيارات التي افتقدت إلى ملهم حقيقي منذ اعتزال بطل العالم السابق دايمون هيل، وخصوصا أن جنسون باتون (هوندا) لم يستطع الارتقاء الى مستوى الهالة التي احيطت به عند دخوله سباقات الفئة الأولى، في موازاة حلول خريف كولتهارد الذي لم يقدم الكثير منذ تركه ماكلارين والتحاقه بفريق ريد بل ريسينغ.
وتتعدد الأسباب لاعتبار ابناء الجزيرة هاميلتون بطلا قوميا، اذ ان حمله العلم البريطاني إلى أعلى مرتبة على منصات التتويج، أعاد فورة فورمولا 1 إلى البلاد لتطغى اخبارها على كرة القدم والرجبي الذي يتحضر منتخبها للمشاركة في بطولة كأس العالم.
ويراهن كثيرون على ان انتصار هاميلتون الأحد المقبل سيعيد الحياة حتى إلى حلبة سيلفرستون التي عانت في الأعوام القريبة الماضية من مشكلات مع القيمين على فورمولا 1 الذين طالبوا مالكي الحلبة مرارا بإجراء تحسينات عليها قبل اضطرارهم إلى سحب شرف التنظيم منهم.
الا أن الضغوط التي ستلقى على عاتق هاميلتون لن تكون من قبل جمهوره العريض فقط، والذي ينشد رؤيته فائزا في نهاية سباق بريطانيا، إذ إن ماكلارين يعتبر أن فوز سائقه البريطاني سيكون امرا مثاليا ينعكس ايجابا على الفريق الذي يرى سيلفرستون الحلبة التي تمثل ارضه.
من جهته، بدا هاميلتون متحمسا كعادته ولكنه هذه المرة بنسبة اكبر لاطلاق العنان لسيارته على الحلبة التي توج عليها ابرز ابطال العالم، لكنه حافظ عبر تصريحاته على بعض الواقعية متحاشيا الشعور بالضغوط الموجودة منذ نهاية المرحلة الماضية في جائزة فرنسا الكبرى عندما حل ثالثا خلف ثنائي فيراري الفنلندي كيمي رايكونن والبرازيلي فيليبي ماسا على التوالي.
واعتبر هامليتون ان تحقيقه الفوز على الحلبة العريقة الأحد المقبل سيكون امرا هائلا، معترفا انه يتطلع اكثر من اي وقت مضى الى احراز المركز الأول كون الفوز امام مواطنيه سيحمل نكهة خاصة، قائلا: «طبعا سيكون سباق بريطانيا الاهم بالنسبة لي هذه السنة لانه سيشكل بداية للسباقات التي ساخوضها مستقبلا على ارضي. سيكون الأمر تجربة جديدة أخرى، وأتوقع ان تكون الأجواء رائعة وأنا لا استطيع الانتظار حتى انطلق بسيارتي امام جمهوري».
وتابع: «الفوز في سباق بريطانيا سيكون امرا هائلا، لكن علينا أن نكون واقعيين بالنسبة لطموحاتنا. سأبذل جهدي للفوز امام مواطني الذين أتمنى أن يستمتعوا بنهاية أسبوع مميزة في سيلفرستون مهما تكن النتيجة».
واللافت انه حتى الونسو رشح زميله ومنافسه المباشر على اللقب العالمي للظفر بالمركز الأول، معتبرا انه يتحضر للتعايش مع هذا الأمر، ومبررا اقواله إنه من المنطقي ان يفوز هاميلتون على الحلبة البريطانية لان في الأمر خدمة للفريق البريطاني-الألماني والسائق على حد سواء.
وقد يكون الونسو اشار في قوله هذا إلى ان ماكلارين سيعمد الى دعم هاميلتون بشكل اكبر، وهي المشكلة التي يقول المراقبون انها ستطفو أكثر بين السائقين في المراحل المقبلة، في موازاة اعتباره ان فوز زميله سيزيد من شعبيته المحلية والتي فاقت كل التوقعات: «لا أريد أن أثير الجدل بهذه الأقوال. سنكون في انجترا، احدنا اسباني والآخر انجليزي وهو متصدر لترتيب بطولة العالم، لذا في حال فوز لويس في سيلفرستون فان فرحة ماكلارين ستكون اكبر، وهذا الأمر ينطبق أيضا عندما أفوز انا في اسبانيا».
ويبدو الأمر الأكيد انه مهما كانت نتيجة سباق الأحد فان هاميلتون الذي لم يظهر حتى الآن في اي من السباقات متأثرا بالضغوط، سيبقى في صدارة الترتيب على الاقل بفارق 3 نقاط عن اقرب ملاحقيه، وهذا أمر مرجح أيضا بعد ظهور المنافس المباشر فريق فيراري بصورة طيبة في مانيي كور، ما اعطاه دافعا إضافيا للعودة بقوة الى ساحة الصراع على رغم تخلفه بفارق 25 نقطة خلف ماكلارين على لائحة ترتيب الصانعين.
وينتظر الجميع جوابا واحدا في سيلفرستون، وذلك عن السؤال المطروح بعد نتائج مانيي كور عن قدرة فيراري على قلب الطاولة، اذ اعتبر كثيرون ان سباق فرنسا يمكن ان يشكل منعطفا في الموسم كون الفريق الايطالي اظهر فعلا تقدما واضحا بعدما ضيق الهوة في المستوى مع ماكلارين الذي اعتبر رئيسه رون دينيس انه من المستبعد ان تتقدم «سكوديريا» اكثر وان الأداء المتراجع لماكلارين في فرنسا جعل السيارة الحمراء تبدو في مظهر طيب، معللا رأيه بالمشكلات في علبة السرعات التي عانى منها الونسو ما قلص من حظوظه لإحراز نتيجة أفضل.
وبعيدا من حماوة المنافسة التي ستكون على ارض الحلبة، فان حرارة الصراع ارتفعت في الأيام القليلة الماضية بين الطرفين اثر فضيحة «التجسس» التي قام بها مايك كوغلان المسئول الفني في ماكلارين مرسيدس بمساعدة نايجل ستيبني الميكانيكي البريطاني المولد في فيراري، والمتهم بمحاولة «تخريب» سيارتي سائقي الفريق، وقد طرد الاثنان من فريقيهما.
ويتوقع ان تترك الحادثة آثارا سلبية بين الفريقين بعدما عثرت الشرطة على الوثائق الخاصة بفيراري والمسروقة من معقله في مارانيللو في منزل كوغلان.
وسارع ماكلارين إلى القول إنه لم يستفد أبدا من المعلومات الفنية المسروقة، كما لم تصل إلى أيدي أي من تقنييه الآخرين. فيما فتح الاتحاد الدولي للسيارات «فيا» تحقيقا بالحادثة لما لها من انعكاسات سلبية على صورة هذه الرياضة.
العدد 1764 - الخميس 05 يوليو 2007م الموافق 19 جمادى الآخرة 1428هـ