العدد 1763 - الأربعاء 04 يوليو 2007م الموافق 18 جمادى الآخرة 1428هـ

شر البلية ما يضحك

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

أضحك وربما الكثير من حولي يشعر برغبته الحقيقية بالضحك كلما تذكرت أن وزارة «التنمية» هي الوزارة المعنية أو المخولة بالعمل على إعادة ضحايا التعذيب، وربما ترغبون في معرفة سبب رغبتي بالضحك.

أود أن أوضح ليس بغرض الاستهزاء أو الضحك بلا سبب ولا نكاية، ولكن لأسباب موضوعية وعلمية أرغب منكم أيضا التوقف عندها ومشاركتي في الضحك إذا الأمر يستحق ذلك أو نصحي بعدم الضحك إذا كان الموضوع لا يستدعي الضحك. لكون أنه لا يحق لنا أن نضحك على أمر لا يضحك أصلا، وفيما يلي أحاول أن أسلط الضوء على الأسباب وأدعوكم إلى التأمل فيها:

أولا: إن وزارة التنمية وللأسف الشديد عجزت عن تحقيق أهدافها الرئيسة على رغم كون الوزارة صغيرة جدا ومسئوليتها ليست بالكبيرة مقارنة بالوزارات الخدمية الأخرى كالتربية والصحة وغيرها من وزارات خدمية أساسية، ومع ذلك مازلنا إلى الآن نتعطش لرؤية الإنجازات تلو الإنجازات في الوزارة، لا سيما أن الشريحة الأساسية التي تعمل لأجلها الوزارة من الشرائح المعدمة والتي تحتاج لوقفات إنسانية، فضلا عن مشروعات تحسن من أوضاعهم المعيشية وتغير من سوء حالهم إلى حال أحسن وليس التجاهل أو عدم المبالاة الأسلوب المناسب.

ثانيا: لطالما نأت الوزارة بنفسها عن التجاذبات السياسية التي تحرك في الساحة المحلية، وبدت وكأن لها موقفها الخاص من الملفات السياسية والحراك السياسي، وكأنها ترى أن السياسة مس من الشيطان الرجيم وأي شيء من شأنه أن يسيس يحمل الصفة التدميرية وليس الإصلاحية على رغم أن المشروع الإصلاحي الذي جاء به جلالة الملك مشروع سياسي يهدف للبناء والتطوير، وأتساءل وربما يكون ذلك أحد الدواعي التي تجعلني أشعر بالضحك هو كيف للوزيرة الآن أن تتقبل فكرة إعادة تأهيل ضحايا التعذيب وأن تكون وزارتها الوزارة المختصة بذلك وهي التي لم تتهيأ أصلا ولم تتمكن من تهيئة وزارتها لتلقي مهمة كهذه، وهي التي عادة من تعمل على تطهيرها من السياسية؟، أم أن السياسية هذه المرة بريئة من دم يوسف؟. ألم يكن موقف الوزيرة بعد لقاء الملك بالجمعيات الحقوقية وبوجودها الشخصي وبعد أن أعلن جلالة الملك موقفه الايجابي من تشكيل هيئة للمصالحة الوطنية وتحقيق العدالة الانتقالية أن خرجت علينا في اليوم التالي وعبر الصحافة المحلية بأنه ليس هناك داع إلى تشكيل الهيئة وأن المسامح كريم؟ بحسب ما نفهم من تصريحها؟

ثالثا: سبب آخر يجعلني أشعر بالضحك، فكما ذكرت أنني أشعر برغبة صادقة بالانفجار في الضحك كلما تداعى إلى ذهني أن وزارة التنمية ستأخذ على عاتقها مهمة إعادة تأهيل ضحايا التعذيب إذ أن الوزارة عجزت أصلا من إعادة تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ذوي الإعاقات، الشريحة التي يجب أن لا نغفل عنها كمجتمع فما بالكم عن وزارة حكومية تعنى بتوفير الرعاية الممكنة لهم، فلايزال أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة يضجون من الانتظار الطويل بسبب عدم توافر المقاعد لأبنائهم لرعايتهم وكل ما تملكه الوزارة في هذا الصدد هو أن المقاعد محدودة وأن ليس هناك شواغر فنضطر حينها إلى تشكيل قوائم انتظار.

إلى متى الأهالي ينتظرون؟، هل إلى أن يتم إصدار شهادات وفاة إلى أبنائهم وهم ينتظرون فرصتهم في الحصول على الرعاية الاجتماعية الممكنة؟، أليست وزارة التنمية هي المعنية باقتراح المشروعات المناسبة والبحث عن فرص ذهبية لتحقيق مشروعاتها؟، وهي نفسها عاجزة عن حصر العوائل الفقيرة التي تحتاج لإعانات مادية، على رغم هذا يعد أحد الملفات الاجتماعية البحتة فكيف لها أن تتصدى إلى الملفات التي تنبعث منها شئنا أم أبينا رائحة السياسة المقززة.

رابعا: يبدو أن وزيرة التنمية نفسها غير مقتنعة أصلا من فكرة مشروع المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وتحاول أن تضع العقدة في المنشار ويتضح ذلك من المداخلة التي تكلمت فيها في الورشة الأخيرة لمشروع العدالة الانتقالية والتي تمت في جمعية وعد.

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة كيف ترى الوزارة موضوع إعادة ضحايا التعذيب ومشروع العائدين الذي ظل على أرفف الوزارة سنة بأكملها وهي لاتزال إلى الآن تدرسه، وإلى الآن لم نسمع عن الدراسة شيئا سوى تصريحات من وزيرة التنمية هنا وهناك تفيد بوجود دراسات لأوضاع العائدين، وكأن العائدين جاءوا ومعهم ثروات طائلة وتحتاج مزيدا من الوقت لحصرها، بغرض تعطيل الملف وعدم الإسراع في إنجازه.

نريد أن نوفر على الوزارة والفريق المعد لمتابعة ملف العائدين ونقول إن هؤلاء جاءوا معدمين ويحملون أطنانا مطننة من مشاعر الولاء للوطن والوطنية الصادقة، إنهم اختاروا العودة إلى أحضان الوطن بعد أن طردوا منه، فهل هناك شك آخر في المشاعر وهل هؤلاء يحتاجون إلى محاكمة مشاعرهم للوقوف على صدقها؟

ويا ترى من هي الوزارة المعنية بذلك هذه المرة؟ أتمنى أن تكون وزارة العدل ربما لأن اسمها يوحي لنا بالنتيجة ( العادلة).

هل عرفتم الآن سر رغبتي في الضحك؟، أتمنى أن أكون معذورة في ذلك. فشر البلية ما يضحك!

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1763 - الأربعاء 04 يوليو 2007م الموافق 18 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً