يتأمل المقال الذي بين يديك في مسألة القروض الحكومية (المحلية منها والخارجية) للعام 2006، باختصار تشير الأرقام إلى تراجع حجم الدين بواقع 44 مليون دينار في العام الماضي. بحسب المصادر الرسمية (تقرير الحساب الختامي) بلغ حجم الدين العام تحديدا 1409 ملايين دينار في العام 2006 مقارنة مع 1453 مليون دينار في العام 2005.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن القروض المحلية شكلت 933 مليون دينار أي 66 في المئة من مجموع الدين الحكومي في العام 2006. وتشمل هذه القروض المحلية: -1 صكوك التأجير الإسلامية بقيمة 472 مليون دينار، -2 أذونات الخزانة بقيمة 162 مليون دينار، 3 - صكوك السلم الإسلامية 45 مليون دينار، والباقي عبارة عن قروض محلية أخرى.
في المقابل شكلت القروض الخارجية 476 مليون دينار، أي 34 في المئة من مجموع الدين الحكومي. بالمقارنة استحوذت القروض الأجنبية على 32 في المئة من حجم مديونية العام 2005. لا شك أنه لأمر حسن أن تبتعد الحكومة قدر المستطاع عن التورط في القروض الخارجية تحديدا حفاظا على الاستقلال المالي للبلاد.
مقارنة بالناتج المحلي
يشكل الدين العام نحو 40 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي (الحقيقي أي المعدل لعامل التضخم) للعام 2005، (للأسف الشديد لم تكشف وزارة المالية عن إحصاءات الحسابات القومية للعام 2006). لكن يبدو لنا أن النسبة ستكون أقل عند مقارنة مديونية 2006 مع الناتج المحلي الإجمالي للسنة نفسها.
عموما تعتبر هذه النسبة معقولة على المستوى العالمي. على سبيل المثال المطلوب من مجموعة دول عملة اليورو في الاتحاد الأوروبي التأكد من أن الدين العام لا يزيد على 60 في المئة من الناتج المحلي. وتبين أن دول مجلس التعاون ترغب في تقليد الاتحاد الأوروبي في هذا الشرط وذلك في إطار مشروع الاتحاد النقدي الخليجي المزمع إطلاقه في العام 2010.
من جهة أخرى, يتمثل الاتجاه العالي الجديد في قياس المديونية بحجم إيرادات الخزانة العامة بحجة أن الحكومات ستستفيد من دخل الخزانة لسداد الديون المتراكمة عليها، حصلت الخزانة العامة للدولة على إيرادات قدرها 1839 مليون دينار في السنة المالية 2006، وعلى هذا الأساس لا بد من تقسيم حجم الدين العام (1409 ملايين دينار) على إيرادات الخزانة (أي 1839 مليون دينار). وعليه شكل الدين العام 76 في المئة من إيرادات الخزانة للعام الماضي. بالمقارنة شكل الدين العام 87 في المئة من إيرادات العام 2005.
رسالة إلى الحكومة
وفي هذه العجالة نرغب في توجيه رسالة إلى القائمين على الوضع الاقتصادي في البلاد بشأن مسألة الدين الحكومي. يحدونا الأمل في ألا تقدم الحكومة على رفع مستوى القروض العامة حفاظا على مصالح الأجيال القادمة إذ إن ذلك مسئولية في أعناق القائمين على الشأن الاقتصادي للمملكة.
يبقى هناك تخوف من استفادة الحكومة لفرص زيادة الدين العام بواسطة استصدار صكوك التأجير الإسلامية وبيعها بسهولة ويسر على المؤسسات المالية الموجودة في البحرين. تتمتع المؤسسات المالية وخصوصا الإسلامية منها بوفرة السيولة ما يعني أنها ترغب في توظيف جانب من الأموال التي بحوزتها في المنتجات المالية المطابقة للشريعة السمحاء وخصوصا تلك الصادرة عن الحكومات.
ختاما، المؤكد أنه لا يكمن الخطأ في عملية أخذ القروض بحد ذاتها بل في استخدامها إذ إن المطلوب توظيف الأموال في مشروعات تنموية.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1762 - الثلثاء 03 يوليو 2007م الموافق 17 جمادى الآخرة 1428هـ