العدد 1762 - الثلثاء 03 يوليو 2007م الموافق 17 جمادى الآخرة 1428هـ

من متطرف ديني إلى صانع سلام

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يبدو أن عالم اليوم قد آل إلى الجنون باسم الرب. أصبح العنف والتطرف أمرين مركزيين في الأخبار العالمية، ومعظم الأمور تجرى تغطيتها باستخدام تعابير دينية. بغض النظر عن ذلك هناك أمثلة عن قادة، نبذوا، في خضم النزاع القائم، عنفهم السابق حتى يتسنى لهم التعامل مع أعدائهم باستخدام أساليب لاعنفية مع البقاء على تديّنهم.

كيف يحدث ذلك؟ كيف يتحول متطرفون دينيون استخدموا العنف في يوم من الأيام ليصبحوا صناع سلام؟

أفراد كهؤلاء يقدمون لنا الأمل بمستقبل الجنس البشري، وكما قال شخص كهذا هو الإمام أشافا النيجري: «... الدين أقوى من القنبلة الذرية، مشاعر الدين العاطفية أكثر قوة من إعصار كاترينا ومن التسونامي، ولكن إذا تم استخدامها بشكل إيجابي فباستطاعتها تغيير العالم».

انطلقْتُ بهذه الروح، وبدعم من معهد الولايات المتحدة للسلام لاستكشاف ما أستطيعه عن ديناميات التحول من التطرف الديني إلى مناصرة السلام. بدأت مهمتي بمقابلة أناس يعيشون في مناطق نزاع حول العالم، رفضوا العنف الذي نادوا به في يوم من الأيام. كانت لبعضهم حياة مميزة كمقاتلين وقادة لمجموعات عسكرية. آخرون كانوا من أنصار الحلول السياسية العسكرية. جميعهم يعملون الآن من أجل التغيير السلمي.

ليس هؤلاء الأشخاص من القديسين، وليست سياساتهم وعقائدهم بالضرورة هي سياسات وعقائد السلاميين اللاعنفيين التقليديين، كما أنهم ليسوا بالضرورة إيجابيين نحو جميع أعدائهم. وهم لا يظهرون تفهما مماثلا تجاه المجموعات التي يعتبرونها «الآخر». إلا أنهم لم يعودوا ينادون بالعنف كوسيلة لتحقيق أهدافهم، فقد أصبح كل منهم بعيدا كل البعد عن نظام معتقداته السابق.

ويتشارك كل من الذين قابلناهم اليوم، وبأسلوب إيجابي غير عنفي، للعمل مع أناس كانوا في الماضي يقتتلون معهم أو يرفضونهم. هم أناس روحانيون مستمرون بالالتزام بسبيل ديني، ويشعرون بالإلهام والسمو من خلال الطريق الذي اختاروه والذي دفعوا ثمنا لأجله.

وإذا أخذنا بالاعتبار العدد القليل من الناس الذين جرت مقابلتهم لأهداف هذا المشروع، من المثير للإعجاب التمكن من ملاحظة موضوعات وتجارب مشتركة. أحد هذه الموضوعات المشتركة القوة الرهيبة للدعاية السياسية العنفية المفعمة بالكراهية. يبدأ الذين تحدثنا معهم، وآخرون قاموا بتدوين تجاربهم، بوصف انغماسهم السابق في ثقافة الكراهية. في مضمون هذه الثقافة كانت هناك تطورات «طبيعية» نحو العنف الرهيب.

المعاني الضمنية بالنسبة للسياسة واضحة: يجب تحدي أدبيات الكراهية وخطاباتها ووسائل إعلامها بكل نشاط حتى يتسنى تيسير احتمالات التفكير المستقل، إضافة إلى ذلك يتوجب على القادة الدينيين والاجتماعيين تطوير لغة وأساليب صورية سلمية، وكذلك أبطال وأساطير تتمتع بالديناميكية والحيوية حتى يمكن لفت نظر مخيلة الشعب.

تعلمنا من خلال الذين قابلناهم أن التحول من التطرف الديني إلى مناصرة السلام يمكن أن يكون روحانيا، يشبه إلى حد كبير التحول الديني. ينزع كل من هذين التحولين اللذين يغيران حياة الإنسان لأن ينمو من أسس عاطفية بين الأشخاص أكثر من النمو العقائدي، كثيرا ما تلعب الصدمة والخسارة دورا في كل من هذين التحولين كذلك.

قصة أسد شفتري اللبناني مثال على ذلك، ففيها الكثير من العناصر التي تتكرر في قصص التغيير المعمق. أعمق ما في أمره أن الصدمة واقترابه من الموت جعلاه يتساهل بشأن حياته ويسعى إلى هدف ومعنى لها. كان هروبه من المنزل أثناء الحرب الأهلية كلاجئ سياسي مهم كذلك.

يحتاج الأبطال الروحانيون والدينيون في التقاليد الدينية والأساطير المختلفة أحيانا لترك منزلهم وبلدهم حتى يتسنى لهم أن ينموا. البعد يعرض الفرد لوقائع جديدة، أو وقائع قديمة يُنظر إليها من منظور جديد، في غياب حماية الرعاية والحماية المعهودة والمطمئنة للمنزل. يمكن للاجئ، عند الهروب من الخطر، أن يصبح مفتوحا ومعرضا بشكل لم يكن عليه في السابق، عندما كان آمنا في موقعه في الوطن. قد يكون الهروب من الخطر والوضع الذي يفرض التواضع على الغريب هما ما يثير وعي الإنسان.

كما ذكر شفتري، «لو بقيتُ في مكاني لما سمعت على الأرجح صوت الله تعالى يطلب مني التغيير».

التغيير المعمق يحصل ببطء وعبر فترة زمنية، وهو مثله مثل جميع الظواهر الإنسانية، جزئي غير مكتمل، وعملية تحت الإنجاز. العلاقات ذات الأهمية تلعب دورا مهما في كل مرة تقريبا. كذلك الأمر بالنسبة للشخصية الفردية على الأرجح. نحن بحاجة يائسة لأن نعرف المزيد عن «كيف». مجرد حقيقة أن ذلك يحدث هي سبب لأن يكون لدينا أمل.

* رينيه غارفنكل/باحثة في علم النفس السريري تمارس العمل بشكل مستقل في واشنطن، وهي مؤلفة وعضوة في الهيئة التدريسية لمعهد الأزمات والكوارث وإدارة المخاطر التابع لجامعة جورج واشنطن، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند».

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1762 - الثلثاء 03 يوليو 2007م الموافق 17 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً