لفت انتباهي ما يجري في مجموعة من الأراضي الزراعية في المنطقة الشمالية تحديدا، فبعد أن أدرجت ضمن أراضي المشاريع الضخمة، عمدت الشركة المعنية بزراعة مجموعة من النخيلات على واجهة الأراضي، ولا أدري لماذا عمدت إلى هذا الإجراء.

ففي وسط الأراضي تم اقتلاع النخيل وسويت الأرض ولم تبق الجرافات أي أثر للأراضي الزراعية، بل أنها حفرت حتى باطن الأرض واقتلعت الجذور لهذه الأشجار، خوفا من أن تتسبب في شروخ في القواعد، على رغم أننا نعلم أن قواعد المشاريع الضخمة لا يمكن أن تخلخلها جذور ميتة... وأتوقع أن هذا الإجراء تم لكي ينسى كل من يعرف المنطقة أنها كانت أرضا زراعية في يوم من الأيام.

مع التراجع المخيف في المنتوجات الزراعية البسيطة التي عرفت بها البحرين، نأتي اليوم لنحول الأراضي الزراعية إلى أراض استثمارية، والحقيقة المرة تقول إن الأراضي الزراعية المتبقية والتي ربما تبقى حتى أمد بعيد، هي تلك الأراضي المحيطة بقلعة البحرين في المنطقة الشمالية، ولا نملك أي دليل قاطع على هذا الحديث، ولكن ربما تعمد الدولة إلى إبقائها لتظل محيطة بهذه المنطقة السياحية المهمة، وخصوصا بعد أن تقرر تحويل منطقة القلعة إلى مقصد سياحي، وسيتم نقل الأهالي إلى إسكان في الحلة.

وتبقى لدينا أراضي الحزام الأخضر -عفوا الأملح- الذي ظل خاويا من أي مشهد من مشاهد الحياة منذ فترة طويلة، وكان حريا بالدولة أن تحول هذه المنطقة الميتة إلى أرض زراعية، وخصوصا أن الأرض مهيأة للزراعة أكثر من أي منطقة أخرى في البحرين... نحن لا نطلب أن يحول البر والصحراء إلى مزارع كما حدث في الإمارات العربية المتحدة، ولا نطلب أن تحول الصحراء إلى بقع خضراء غناء كما حدث في المملكة العربية السعودية، فلربما يكلف هذا دولتنا الحبيبة مبالغ طائلة لا تتحملها موازنتها الشحيحة، ولا أظن أن تحويل الحزام الأخضر إلى منطقة خضراء فعلا بحاجة إلى مبالغ كبيرة، أم أننا ننتظر العطف من إحدى الدول الخليجية لتتبرع بذلك!

لا أدري ما الوصف الذي يمكن أن توصف به هذه السياسات، هل هي سياسات قائمة على تخطيط مستقبلي، أم أنه تخطيط أعور أو دعونا نخفف العبارة ونسميه تخطيطا (أعرج أو أعوج)!