العدد 1761 - الإثنين 02 يوليو 2007م الموافق 16 جمادى الآخرة 1428هـ

الطريق إلى الأمام من غزة: تجنب أزمة أكثر عمقا

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أوجد العنف الاخير في غزة حقائق جديدة على الأرض وولّد أحزانا جديدة عن خيارات ما فتأت تتناقص. يعتبر ما حصل في غزة، بالنسبة إلى جميع هؤلاء المهتمين بالأمن والاستقرار والقيم العزيزة علينا، نداء قاسيا للصحو يجب أن ينتج عنه عمل للتوجه إلى الأمام وليس فقط كلمات ندم على ما أتى بنا إلى هذا الوضع.

لا نستطيع الادعاء بأنه لم يتم تحذيرنا. الخريف الماضي وعلى برنامج «هذا الأسبوع» الذي تقدمه شبكة أي بي سي الإخبارية حذّر الملك عبدالله ملك الأردن من ثلاث حروب أهلية محتملة في الشرق الأوسط في العام 2007، تلك التي تدور رحاها في العراق، واثنتان محتملتان بين الفلسطينيين واللبنانيين. كرر الملك عبدالله، وهو حليف وفيّ للولايات المتحدة رسالته الجوهرية عن الحاجة لمزيد من القيادة الأميركية للاستقرار في الشرق الأوسط، في جلسة مشتركة للكونغرس في شهر مارس/آذار الماضي. وقبل أن يثير هذه المخاوف بفترة طويلة، أشار المراقبون الحذرون في الضفة الغربية وغزة إلى الخلافات الخطرة وتنبأوا بالحوادث البشعة التي شهدها العالم في شوارع غزة.

كان زعماء فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية قد اعترفوا بـ «إسرائيل» وشاركوا في التفاوض على حل الدولتين للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكن الكثير منهم كانوا يتمتعون بسمعة سيئة من الفساد، ولم يقدموا سوى فرص قليلة لبروز توجهات جديدة وقادة جدد. كما أنهم لم يبرزوا سوى نتائج ملموسة قليلة أمام الشعب الفلسطيني بشأن القضايا الرئيسية التي تؤثر على حياتهم بشكل مباشر: عدد قليل غير كافٍ من فرص العمل أو التعلُّم، معوقات هدفها حماية المستوطنات الإسرائيلية حدّت من تحركات الفلسطينيين، وقيود على حركة السلع والخدمات وإمكانات الوصول إليها حدّت من إمكانات الأعمال الفلسطينية وقدرتها على تصدير المنتجات واستدامة فرص العمل ونموها. إجمالا، نتج عن غياب القيادة هذا الفشل في توفير ما يسعى إليه الشعب الفلسطيني بلهفة: حكومة توفر الأمل الذي يستطيع الأطفال الفلسطينيون التطلع من خلاله إلى مستقبل أفضل من والديهم في مجتمع يحترم حكم القانون ويكافئ الذين يحترمونه.

استغلت حماس الفجوة بين تطلعات الفلسطينيين وحياتهم اليومية. فازت السنة الماضية بالانتخابات نتيجة لفشل القيادة الفلسطينية في تحقيق تطلعات الشعب. وقد كسبت الآن معركة مكلفة للسيطرة على غزة، وهو أمر قابل للنقاش. لا نستطيع أن نسمح لهم أن يكسبوا أكثر من ذلك.

كيف يمكننا إذا أن نسير في اتجاه أفضل؟ لا يستطيع الرئيس عباس وسلام فياض وغيرهما من القادة الفلسطينيين الرئيسيين أن يفعلوا ذلك وحدهم. عمل «إسرائيل» الآن مع الفلسطينيين في الضفة الغربية لتحقيق نتائج على المدى القريب وبكثافة متزايدة خطوة ضرورية ولكنها غير كافية.

يتوجب على الولايات المتحدة أن تخطو إلى المقدمة، وتعمل عن كثب مع حلفائنا الأوروبيين لجمع كل الدول التي لها اهتمام مباشر في ضمان أن يكون للفلسطينيين مستقبل أفضل بشكل معتبر من ماضيهم القريب: ليس فقط «إسرائيل» وإنما الجامعة العربية بأكملها، يجب جمعها ومشاركتها الحوار.

تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها، من خلال مناقشات ثنائية مع الدول الرئيسية ومؤتمر دولي فوري أن تضع إطارا للانسحاب بعيدا عن شفير هاوية المزيد من الفوضى. يتوجب على الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية أن يبدأوا بالعمل باتجاه حل سياسي لنزاعهم وأن يتخذوا الخطوات لبناء دولة فلسطينية في الضفة الغربية.

وتضم الإجراءات المحددة: أن تسمح «إسرائيل» بتدفق المزيد من الأفراد والسلع عبر الضفة الغربية، جهود إسرائيلية فلسطينية مشتركة للتعامل مع القلق المشترك بشأن القانون والنظام، وتفكيك «إسرائيل» لبعض المستوطنات بشكل فوري باعتباره مؤشرا على حسن النية ولإزالة المعوقات التي تشكلها هذه المستوطنات أمام حرية التنقل وضغوط وحوافز متزايدة من طرف المجتمع الدولي بقيادة اللجنة الرباعية للشرق الأوسط (التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي) لتحفيز القادة الفلسطينيين على القيام بإصلاحات مهمة وجهود من طرف الجامعة العربية لدعم الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية.

أحد الأهداف الحيوية لهذه الجهود هو مساعدة الفلسطينيين على تشكيل سلطة حاكمة توفر ما يحتاجه الشعب. وبكلمات تخص نزاعا بدا وكأنه لا يمكن حلّه في إيرلندا الشمالية، والذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من الحل، «يجب رؤية العدالة على أنها أمر ممكن».

وفي الوقت الذي تتم فيه رؤية تحقيق تقدم سياسي في الضفة الغربية على أنه التركيز الأساسي، لا نستطيع كذلك ترك غزة. فأولا وقبل كل شيء يتوجب على الدول الأعضاء في الجامعة العربية أخذ زمام المبادرة في تيسير العمليات الإنسانية في غزة للتعامل مع الأزمة المتنامية هناك.

تجاهل غزة أو عزلها يضع «إسرائيل» ومصر والمنطقة بأكملها في خطر ويتجاهل التزام عالمي تجاه 1،4 مليون إنسان يعيشون في بقعة صغيرة لا تتجاوز 360 كيلومترا مربعا (طول القطاع 25 ميلا وعرضه ستة أميال). هؤلاء البشر لم يختاروا قَدَرهم بغض النظر عن كيف صوتوا في انتخابات العام 2006. ما فتأت «إسرائيل» تُحكم سيطرتها على خطوط الحياة الضرورية للقطاع مثل الطاقة والماء.

ما يحصل في غزة لن يبقى في غزة. الأسلوب الذي تختاره حماس في ممارسة سلطتها الجديدة، وما تقدمه لشعبها ولجيرانها، سيؤثر علينا جميعا.

المكون الرئيسي الضروري لجميع هذه القطع معا هو القيادة الأميركية. في خلفية نكسة مروعة كهذه يناقش البعض بأنه يتوجب على الولايات المتحدة ألا تفعل شيئا لأن الموضوع بالغ التعقيد. هذا بالضبط هو التوجه الخاطئ ويتوجب على زعماء الولايات المتحدة أن تكون لديهم الثقة للتعامل مع وضع صعب أصبح لتوّه أكثر صعوبة. لقد شهدت الولايات المتحدة من قبل أزمات مماثلة وتعاملت بقدرة وكفاءة مع صدمات مماثلة بهدف دفع مصالحها. خلال فترة قصيرة بلغت سنة ونصف بين الأعوام 1989 - 1991 تمكنت الولايات المتحدة تحت حكم بوش آخر وعبر سلسلة من الجهود الدبلوماسية المتداخلة والمتعددة الخطوط من إدارة الصدمات اللاحقة لتداعي الاتحاد السوفيياتي وإعادة توحيد ألمانيا وغزو صدام حسين للكويت. لقد تمكنت الولايات المتحدة من إدارة تحديات صعبة في الماضي، وباستطاعتها فعل ذلك مرة أخرى.

على المدى القريب يتوجب على اللجنة الرباعية للشرق الأوسط أن تعمل بالتشارك مع «إسرائيل» والجامعة العربية للتفاوض على وقف لإطلاق النار. يجب أن يضم جزء من هذا الترتيب معونة طبية وإنسانية إلى شعب غزة الفلسطيني. دعما لهذه الجهود قد تفكر «إسرائيل» جديا بتقديم الرصيد المتبقي من العوائد الضريبية المتأتية بالنسبة والتناسب إلى غزة، على شكل معونة دولية يحتمل وصولها إلى سكان غزة في أسرع وقت ممكن. كما يمكن أن تساعد الجهود الدولية المنسقة التي تنفذها الجامعة العربية على ضمان تحقيق المزيد من الاحتياجات الإنسانية حتى يتمكن سكان غزة من استمرار الارتباط بالضفة الغربية والنظر إلى ما وراء الأزمة نحو أفق آخر.

لا نستطيع السماح للأفق السياسي - دولتان، «إسرائيل» ودولة فلسطينية مستقبلية تضم الضفة الغربية وغزة بحدود مستدامة قادرة على البقاء بحسب ما وضع خطوطها الرئيس بوش قبل نحو خمس سنوات في الحديقة الوردية، بأن تتلاشى في ضوء النكسة الخطيرة في غزة.

ولكن حتى نُبقي جميع الأنظار على ذلك الأفق هناك حاجة لنداء بتجنيد جميع الجهود. بقيادة اللجنة الرباعية، وتوضيح الولايات المتحدة التزامها نحو السلام والجامعة العربية التي تضم دولا رئيسية تعمل مع «إسرائيل»، توفر الأزمة الحالية فرصة لاختبار مقترحات المبادرة السعودية والإبقاء على الأمل حيا بحل الدولتين، الذي سيجلب الاستقرار إلى الشرق الأوسط يوما ما.

*زميلان رئيسيان بمركز التقدم الأميركي يعملان مع مشروع التقدم في الشرق الأوسط، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1761 - الإثنين 02 يوليو 2007م الموافق 16 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً