العدد 1760 - الأحد 01 يوليو 2007م الموافق 15 جمادى الآخرة 1428هـ

تجارة المخدرات في أفغانستان 3/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بشأن مشكلة المخدرات الخطيرة كتبت «جودي ديمبسي» في صحيفة «هيرالد تربيون إنترناشيونال» يوم 6 مارس/آذار 2005 «عن ازدهار زراعة الحشيش في أفغانستان»، وقالت في تقريرها: حذرت الأمم المتحدة أن هناك احتمالا أن يتحد 10 من كبار تجار المخدرات في أفغانستان ليشكلوا شبكة شبيهة بالشبكة الكولمبية تمتلك القدرة على تحويل أفغانستان إلى دولة مخدرات.

فيما قال المدير التنفيذي لمكتب هيئة الأمم لمكافحة المخدرات والجريمة في فيينا أنطونيو كوستا في اجتماع لخبراء مكافحة المخدرات والجريمة: «قبل 10 سنوات كان يحول 2 في المئة من الإنتاج إلى الهيروين داخل الدولة و8 في المئة في الخارج والآن 8 في المئة ينقى في الداخل... وأمراء المخدرات يسعون الآن إلى السيطرة على الاتجار والبيع بالتجزئة؛ وهما المرحلتان الأخيرتان.

وشرح كوستا كيف أنّ أمراء تجارة المخدرات في أفغانستان عازمون على تشكيل حلقة متكاملة للمراحل الأربع لإنتاج الأفيون وهم الآن يسيطرون على اثنتين منها، وهي: الزراعة والتنقية.

ويرى كوستا أن أفغانستان لا تتحمل المسئولية كاملة عن المحنة التي تعيشها، فما كانت تجارة الهيروين لتحقق هذا الازدهار لو كانت الحكومات الغربية جادة في مكافحة استهلاك المخدرات. وإنها لمفارقة أليمة أن تكون الدول التي يخاطر جنودها بحياتهم في أفغانستان هي أيضا أكبر أسواق الهيروين الذي تنتجه أفغانستان، فضلا عن ذلك لابد أن تبذل الدول المجاورة لأفغانستان قدرا أكبر من الجهد لمنع المتمردين، والأسلحة، والمال، والمواد الكيميائية اللازمة لإنتاج الهيروين من التدفق عبر حدودها إلى أفغانستان.

وفي مؤتمر عقد في واشنطن في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2004، قال رئيس مكتب واشنطن لمجموعة الأزمات الدولية، مارك شنايدر الذي كان قد عاد للتو من أفغانستان: «إن هناك ضرورة «لتغييرالسياسة المتبعة» من أجل كبح جماح إنتاج الأفيون بفاعلية في أفغانستان. وأضاف أن الجهود البريطانية ليست كافية وإن الأوان قد آن لكي تتدخل الولايات المتحدة بفاعلية أكبر».

ويذكر أن شنايدر عمل في السابق مديرا للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ومديرا لفيالق السلام الأميركية.

وفي المؤتمر نفسه الذي كان بعنوان: «العد التنازلي لانتخابات أفغانستان: الأمن وإرهاب المخدرات واحتمالات الديمقراطية»، أكد خبير كبير آخر في شئون أفغانستان أن استئصال زراعة الأفيون يجب أن يأتي في الترتيب الثاني بعد القضاء على تجار المخدرات وتدمير المعامل التي تحول الأفيون الخام إلى مورفين وهيروين.

ونقل مدير مركز التعاون الدولي بجامعة نيويورك، بارنيت روبين عن مسئول كبير في الحكومة الأفغانية قوله له: «إن تجار المخدرات هم الذين يوجدون زراع الأفيون» وليس العكس.

وشرح روبين أن المزارعين الذين يقومون بزراعة الأفيون يأخذون قروضا مسبقة في الخريف من أمراء تجارة المخدرات أو التجار قبل موسم زراعة الأفيون (يذكر أن الأفيون محصول شتوي) ثم يسددون لهم القروض في الربيع اعتمادا على السعر السائد للكيلوغرام من معجون الأفيون الخام».

ولاحظ أن السعر يتذبذب كثيرا، وإذا انخفض سعر معجون الأفيون الخام عن سعره في العام السابق فإن المزارعين قد يصبحون مدينين بصفة دائمة لتجار المخدرات أو المهيمنين عليها. ومثل هذا الدين قد يترتب عليه «بيع» ابنة المزارع إلى تاجر المخدرات أو زعيم العصابة.

لقد تصاعدت زراعة المخدرات في أفغانستان إلى حد غير طبيعي خلال فترة العامين الماضيين، وتجاوز إجمالي حجم تجارة المخدرات مبلغ 3 مليارات دولار سنويا. وأفادت مجموعة «جنك» الإخبارية الباكستانية أن تزايد الطلب على الأفيون والحشيش الخام في أفغانستان أدى إلى ترويج زراعته وبالتالي ارتفاع أسعاره في الأسواق السوداء.

وأشارت تقارير دولية الى أن 80 في المئة من سكان جنوب أفغانستان يفضلون زراعة نبات الأفيون مقارنة بالخضراوات المعتادة لكبر حجم عوائدها، ما أدى إلى ارتفاع نسبة إنتاج المخدرات خلال العامين الأخيرين إلى ضعفي ما كانت تنتجه خلال السنوات الماضية.

وأضافت «جنك» أن إنتاج المخدرات في أفغانستان في تصاعد مستمر، إذ تمت زراعة الأفيون في إقليم «هلمند» الأفغاني خلال العام الماضي على مساحة 35 ألف فدان من الأراضي الزراعية، بينما وصل إنتاجها خلال العام الجاري إلى 60 ألف فدان، الذي يقارب ضعف الإنتاج السابق.

وفي نهاية الأمر، لابد من الاعتراف بالحقيقة المرة والتي هي أن تجارة المخدرات ليست مشكلة أفغانية فحسب؛ وهي ليست مشكلة تنحصر في الدول التي يمر عبرها الهيروين؛ كما أنها ليست مشكلة يواجهها فقط العالم النامي، إذ ينتهي بها المطاف عادة. بل إن تجارة المخدرات تمثل مشكلة عالمية تمس المجتمع الدولي بأسره. فقد بلغ حجم تجارة المخدرات في العالم أكثر من 600 مليار دولار للعام 2005م حسبما أشار إليه التقرير الدولي الصادر عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، كما وصل عدد المدمنين في العالم إلى أكثر من 200 مليون مدمن ومتعاطٍ العام 2005م.

وبلغ حجم الدورة المالية السنوية لنشاط عصابات المخدرات في العالم إلى 500 مليار دولار، وأن إنتاج الأفيون تجاوز 3700 طن سنويا والهيروين 370 طنا والكوكايين 680 طنا من خلال زراعات محرمة تضيع فيها أنشطة واستثمارات ضخمة غير مشروعة وغالبية ضحايا الإدمان من صغار السن وأن 62.7 فى المئة من المدمنين فى أعمار تقل عن 30 سنة ومنهم 35.6 فى المئة أطفال.

هذه الحقائق أكدتها دراسات ميدانية حديثة أجراها عدد كبير من الباحثين من علماء المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فى مصر.

وكشفت دراسات علمية وتقارير حديثة عن أن الاتجار فى المخدرات يمثل 8 في المئة من حجم التجارة الدولية إذ تأتي هذه التجارة في المرتبة الثالثة من حجم التجارة العالمية بعد تجارة السلاح والمواد الغذائية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1760 - الأحد 01 يوليو 2007م الموافق 15 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً