يتضمن مشروع الاتحاد النقدي بين دول مجلس التعاون الخليجي، والمزمع اطلاقه في العام 2010 مجموعة من المعايير الصعبة. تتمثل الشروط في تقييد الدين العام بنسبة 60 في المئة من الناتج المحلى الإجمالي. كما على الدول التأكد من عدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المئة من الناتج المحلى الإجمالي. أيضا المطلوب من الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي، ضمان عدم ارتفاع مستوى التضخم عند متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المئة. كما ينبغي ألا تزيد أسعار الفائدة على متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المئة. أخيرا المطلوب من الدول الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة واردات لمدة أربعة أشهر.
انسحاب عمان
يشار إلى أن سلطنة عمان قررت عدم الانضمام إلى المشروع. بيد أنه يبدو لنا بأن السلطات العمانية ترغب في تحاشي حدوث خسائر محتملة لاقتصادها في حال الانضمام للعملة الموحدة. يشار إلى أن العملة العمانية (الريال) هي الأضعف بين عملات دول المجلس، الأمر الذي يمنح الاقتصاد العماني فرصة جلب الزوار من الخارج. كما أن الضآلة النسبية لقيمة العملة تساعد في تعزيز فرص الصادرات غير النفطية للدول الأخرى، الأمر الذي يخدم مسألة الحفاظ على بعض الوظائف، فضلا عن إيجاد وظائف جديدة أخرى للشباب العماني الداخل إلى سوق العمل. في المقابل, ستتسبب الوحدة النقدية في التزام عمان بقيمة موحدة للعملة المشتركة ما يعني خسارة ميزة تنافسية للاقتصاد العماني.
إضافة إلى ذلك, ترغب السلطات في عمان في أن تكون في حل من نفسها فيما يخص رفع الدين العام لأغراض تنموية بدل الالتزام بنسبة 60 في المئة من الناتج المحلى الإجمالي. وتمكن حجة السلطات العمانية في أن الاقتصاد العماني لازال ناميا (أي في طور التطوير) ما يعني وجود الحاجة إلى تعزيز المصروفات الحكومية وبالتالي فرص زيادة حجم الدين العام. أيضا ربما ترغب الحكومة في تعزيز المصروفات والاستثمارات لغرض تحقيق نمو متميز في الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يساعد في توفير وظائف تتناسب وتطلعات المواطنين. المعروف بأن الآلاف يدخلون إلى سوق العمل سنويا وذلك بعد تخرجهم من الجامعات والمعاهد.
صعوبة التقيد بالمعايير
لا تعاني عمان (وهي الوحيدة من بين دول المجلس التي قررت عدم الانضمام الى المشروع) من أي مشكلة في الالتزام بالشروط المطلوبة في الوقت الحاضر. على سبيل المثال, تحتفظ عمان باحتياطي يزيد عن قيمة واردات لفترة خمسة أشهر ونصف الشهر. بل على العكس تواجه دولة قطر صعوبة في التقييد بمسألة الضخامة, والتي تقدر بنحو 10 في المئة، وذلك على خلفية النمو السريع لاقتصادها الوطني. بدورها تعاني مملكة البحرين من معضلة الاحتفاظ بالاحتياطي المطلوب (غطى حجم الاحتياطي في العام 2006 قيمة الواردات لأكثر من ثلاثة أشهر لكن أقل من أربعة أشهر.
نتفهم موقف عمان من عدم الانضمام للمشروع الطموح. كما نأمل ألا تستعجل بقية الدول الأعضاء في تنفيذ مبدأ الوحدة النقدية في العام 2010 لسبب جوهري وهو أن التاريخ المعلن ليس مقدسا ويمكن تأجليه.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1760 - الأحد 01 يوليو 2007م الموافق 15 جمادى الآخرة 1428هـ