قررت سلطنة عُمان في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي الانسحاب نهائيا من مشروع العملة الخليجية الموحدة وأرجعت ذلك لعدم تمكنها من الالتزام بالمعايير المحددة للاتحاد النقدي. وكانت السلطنة قد أعلنت قبل ذلك بشهر واحد انسحابها من الموعد النهائي المقرر في الأول من يناير2010 بسبب تأخر تنفيذ تدابير تشمل المجلس برمته مثل تطبيق اتفاق الوحدة الجمركية. وأرجع وزير الاقتصاد الوطني العماني أحمد مكي ذلك إلى أن بلاده لن تتمكن من تحقيق معايير التضخم والعجز والدين العام التي تقيد القرار الاقتصادي في البلاد.
وقال: «إن إقامة السلطة النقدية المشتركة بحاجة إلى اتفاق واضح حول آليات التعامل وبما لا يؤثر سلبا على بعض الدول نتيجة لتفاوت مستوى وضع البنى الأساسية، فالسلطنة على سبيل المثال بمساحتها الجغرافية والتزايد السكاني فيها لا تزال بحاجة إلى إنفاق كبير على البنى الأساسية، الأمر الذي قد لا تستطيع معه الإبقاء على النسبة المفترضة في معيار النمو في اقتصادها أو معيار مستوى الدين العام أو العجز في الموازنة العامة. لذلك فان مطلب الوصول إلى مرحلة الاتحاد النقدي والعملة الواحدة يتطلب قبل المضي فيه الاتفاق على كيفية معالجة هذه الحالات».
وتتوقع الحكومة العمانية أن تبلغ نسبة النمو هذا العام نحو 6 في المئة، في حين ستبلغ نسبة التضخم نحو 3 في المئة.
وكانت سلطنة عمان قد بعثت برسالة إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لخصت فيها تحفظاتها على عدد من المعايير المحددة وإمكان تطبيقها في الوقت المحدد وأبدت تحفظاتها على الخروقات التي تتعلق بممارسة النشاط الاقتصادي في الدول الخليجية إذ لا تسمح بعض الدول في كثير من الأحيان لمواطني دول المجلس بممارسة النشاط إلا بوجود كفيل محلي ولا يسمح لهم كذلك بالدخول في المناقصات الحكومية أو منح تصاريح لممارسة النشاط الاقتصادي مما يؤخر قيام وحدة اقتصادية.
وجاء في الرسالة التي بعثها وزير الاقتصاد الوطني العماني حمد بن عبدالنبي مكي للأمانة العامة لمجلس التعاون: «إن لجنة الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تواجه صعوبات من أهمها الشفافية في عرض البيانات المالية من قبل الدول الأعضاء إذ تصر معظم دول المجلس على سرية البيانات المتعلّقة بها».
وذكر وزير الاقتصاد الوطني العماني في رسالته: «أنه على رغم الاتفاق على معايير التقارب وكيفية حسابها إلا انه لا توجد حتى الآن بيانات مدققة بشأن التزام كل دولة من دول المجلس بالتعريفات والمنهجية المتفق عليها». مضيفا: «أن هناك الكثير من الموضوعات المهمة التي تم تأجيلها لصعوبة الاتفاق عليها».
وأضاف وزير الاقتصاد الوطني العماني انه انطلاقا مما ذكر، فإنه من المناسب إعادة تقييم هذا الأمر والتريّث لحين إزالة تلك المعوقات التي قد تؤثر سلبا على قيام الاتحاد النقدي.
وذكر في رسالته انه بالإشارة للمذكرة التوضيحية المتعلقة بالأمور السيادية التي ستفوضها الدول الأعضاء للسلطة النقدية المشتركة والمتطلب تأسيسها لإقامة الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة فان قرار توحيد العملة هو قرار يمس بمبدأ السيادة الوطنية للدول الأعضاء حتى يمكن للدول التخلّي عن هذا المبدأ فلابدّ أن تتحقق لها القدرة على الاتفاق حول آليات التعامل في حال مواجهة أي دولة من دول المجلس أية مشكلات اقتصادية ومالية تحتم عليها استخدام سياسات نقدية أو مالية لمعالجة هذه المشكلات، باعتبار أن القرار لن يعود بيد الدولة منفردة.
وأكد مكي وجود معوقات تواجهها دول المجلس في تطبيق الاتحاد الجمركي، والتي من أهمها: عدم التزام بعض الدول بفرض رسوم موحدة بصورة جماعية على الواردات الأمر الذي يعد مخالفا للاتحاد الجمركي و عدم التوافق على التحصيل المشترك للرسوم الجمركية، وبدلا عن ذلك تم إتباع آلية تتبع السلع بهدف تحصيل الرسوم، والتي كان من نتائجها إبقاء المراكز الجمركية البينية، الأمر الذي ينتج عنه عقبات أمام حركة السلع بين دول المجلس، مما افقد الاتحاد الجمركي أهم أحد مميزاته وهو فتح أسواق دول المجلس على بعضها البعض بالإضافة إلى عدم اكتمال السوق الخليجية المشتركة، والتي حدد التطبيق الفعلي لها نهاية العام 2007.
وقال مكي انه من ضمن المعوقات قيام بعض الدول بإيجاد مراكز جمركية بينية جديدة، الأمر الذي تسبب في عرقلة انسياب التجارة البينية وهو إجراء يسير عكس التوجه، إذ أن هدف الاتحاد الجمركي إزالة المراكز الجمركية البينية وليس إنشاء مراكز جديدة.
وذكر مكي في رسالته انه فيما يتعلق بالعوائق التي تواجه تطبيق بعض القرارات ذات الصلة بالسوق المشتركة، والتي هي مرحلة تسبق مرحلة التكامل النقدي وإصدار العملة الموحدة، فتتمثل بعدم الالتزام بتنفيذ قرارات المجلس الأعلى ذات العلاقة بالمعاملة الوطنية، سواء في ممارسة النشاط الاقتصادي أو حرية حركة الإفراد ورأس المال.
وأضاف: «إن الدليل على ذلك مذكرات المتابعة من الأمانة العامة التي تحث الدول الأعضاء وبشكل مستمر على تطبيق هذه القرارات».
وقال: «إن الأمر لا يقتصر على عدم إصدار قرارات تنفيذية من قبل الدول، بل تعدى الأمر إلى وجود قرارات تنفيذية من دون الالتزام بتطبيقها، ومنها على سبيل المثال القرارات المتعلقة بالمعاملة الوطنية في المجالات الصحية والتعليم».
العدد 1759 - السبت 30 يونيو 2007م الموافق 14 جمادى الآخرة 1428هـ