العدد 1759 - السبت 30 يونيو 2007م الموافق 14 جمادى الآخرة 1428هـ

تجارة المخدرات في أفغانستان 2/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عن تعقيدات برامج مخططات مكافحة زراعة الأفيون، وصناعة الهيروين منه في أفغانستان، ينقل المراسل الخاص لنشرة واشنطن، أفضل خان، في أواخر العام 2004 تصريحات مساعد وزير الخارجية الأميركية لشئون مكافحة المخدرات في العالم، وتطبيق القوانين الخاصة بها، روبرت تشارلز، والتي يعلن فيها صراحة بأن قوات التحالف في أفغانستان والحكومة الأفغانية تعتزم زيادة جهود مكافحة الاتجار في المخدرات في أفغانستان وتهريبها خلال الأشهر المقبلة. ويضيف تشارلز «أن وزارة الدفاع الأميركية، والوكالة الأميركية لضبط العقاقير المخدرة، وشركاء الولايات المتحدة في العالم مثل المملكة المتحدة، كلها تتعاون تعاونا وثيقا من أجل مواجهة قضية المخدرات في أفغانستان».

أما ألمانيا، وكما ينقل أفضل خان أيضا فقد كانت حينها مشغولة بتدريب ضباط الشرطة الذين يمكنهم المساعدة في وقف أنشطة تجار المخدرات. وبالإضافة إلى وجود مركز رئيسي لتدريب الشرطة في كابول تم إنشاء مراكز تدريب إقليمية أخرى في قندهار وكندوز ومزار الشريف وغارديز وجلال أباد.

وفي تطور مواز قال فرانك كينفيك وهو خبير متعاقد مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إن «الوكالة كانت تعد مشروعا رائدا لإحلال محاصيل أخرى بديلة محل زراعة الأفيون في محافظات هلماند وقندهار جنوبي أفغانستان».

بقي أن نعرف أن أفغانستان تنتج ثلاثة أرباع إنتاج العالم من الأفيون، وأن الاتجار في الهيروين أصبح يمثل الدعامة الأساسية لاقتصادها. وجاء في تقرير لوحدة الاستخبارات بمجلة إيكونومست صدر في مايو/أيار 2004 أن القيمة الإجمالية لإنتاج الافيون في أفغانستان تقدر بـ 2.3 مليار دولار وهو ما يمثل 50 في المئة من إجمالي الناتج المحلي المشروع لأفغانستان.

ومعروف أن 90 في المئة من الهيرووين المستخرج من الأفيون في أفغانستان، يذهب إلى الأسواق الأوروبية والروسية. وأصبحت الدول الأوروبية تحت رعاية قادة العالم الاقتصاديين لمجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى تشارك بدرجة كبيرة في القضاء على المخدرات في أفغانستان.

وبعد أن قضت الولايات المتحدة على نظام حكم طالبان في كانون الأول/ديسمبر 2001 في أعقاب الهجمات على الولايات المتحدة في 11 أيلول/سبتمبر 2001، تكاتف المجتمع الدولي لإعادة إعمار أفغانستان التي ظلت مسحوقة لمدة ثلاثة عقود تحت الحكم السوفييتي ثم حكم أمراء الحرب.

وعقد مؤتمر للدول الثماني الصناعية الكبرى في طوكيو في يناير/كانون الثاني 2002 للتعهد بتقديم دعم لإعادة إعمار أفغانستان.

وخصص لكل من «الجهات المتبرعة الرئيسية» «قطاع أمني» مختلف. فقد حملت مسئولية تشكيل الجيش الوطني الأفغاني للولايات المتحدة وفرنسا؛ بينما تحملت ألمانيا مسئولية قوة الشرطة الأفغانية؛ وتركت لليابان مسئولية نزع أسلحة الجماعات المسلحة وتسريح أفرادها؛ أما مهمة إيطاليا فكانت إقامة نظام قضائي؛ بينما أصبحت المملكة المتحدة مسئولة عن القضاء على المخدرات.

لكن في العام 2002 ذاته ذكر تقرير لمكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، ان انتاج الافيون في افغانستان زاد بمقدار الثلثين في ذلك العام ما يشكل تهديدا خطيرا لتعافي البلاد.

وأكد التقرير أن افغانستان عادت الى موقعها كأكبر منتج للافيون في العالم بعد سنوات من منع حركة طالبان السابقة لزراعة المخدرات في البلاد.

وقال مدير المكتب انطونيو ماريا كوستا «ان انتاج المحصول كان الأكبر هذا العام وانه يخشى ان تصبح أفغانستان دولة مخدرات».

وقال التقرير «ان زراعة الأفيون انتشرت في اقاليم افغانستان البالغ عددها 32 اقليما، وهو ما يخالف الاتجاه السائد في المناطق الرئيسية لإنتاج الأفيون في أميركا اللاتينية، وجنوب شرق آسيا التي شهت تراجعا في الانتاج».

جينها توصل الكثيرون ممن دعموا وتفاءلوا بالغزو الأميركي لأفغانستان إلى أنه ربما كان من السهل على الولايات المتحدة قصف أي بلد وتدميره وقتل شعبه، لكن من الصعب جدّا على الولايات المتّحدة القيام بعكس ذلك، لبناء لا نقول دولة متقدمة بل مجرّد بلد صالح لعيش الآدمي.

وفي هذا الإطار كتبت صحيفة «برلينر تسايتونج» الألمانية في عدد لها في فبراير/شباط الماضي تقول: «أصبحت أفغانستان دولة عظمى من جديد في ما يتعلق بكمية إنتاج الأفيون، وذلك تحت أنظار القوات الدولية المسلحة تسليحا عاليا، ومما لا يخفى هو أن الأفيون يعد المادة الأساسية لتصنيع الهيروين، وحسب إحصاءات الأمم المتحدة، فإن ثلاثة أرباع كميات الأفيون المستهلك في العالم تأتي من هذا البلد الذي يقع في آسيا الوسطى.

وعن العائد المادي للبلد من وراء الأفيون، فإن الدخل من هذه المادة يصل إلى 3.2 مليار دولار سنويا، ومن المتوقع أن يزداد الدخل هذا العام».

ويقول تقرير مكتب الأمم المتحدة حول المخدرات والجريمة (UNODC) الذي صدر أخيرا «ان تجارة المخدرات أكبر بكثير ممّا كان متصورا». و يكشف التقرير عن أن المحرك وراء هذا النمو الاقتصادي هو إنتاج الأفيون.

فقد صدّرت أفغانستان العام الماضي 87 في المئة من استهلاك العالم (من الأفيون)، ويضيف التقرير «هذا فيما يشترك 2.3 مليون شخص في حوالي 0.33 عائلة في عملية الإنتاج بمعنى أن حوالي 1 في المئة من السكان متورطون في إنتاج المخدرات». وخلال سنة واحدة فقط ارتفع حجم المنطقة المخصصة لزراعة المخدرات بنسبة 64 في المئة.

وقدّر المنتج بـ 4.2 طن، وهي بمثابة زيادة قدرها 17 في المئة عن العام الذي سبقه، أخذا بعين الإعتبار أنه حينها كان المرض وسوء الأحوال الجوية تمثل العوامل المعيقة الوحيدة لتنامي زراعة وتجارة المخدرات في أفغانستان.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1759 - السبت 30 يونيو 2007م الموافق 14 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:48 ص

      رسالة شكر ....

      انا اشكر صحيفة الوسط لتسهيل عملي مع دوام النجاح

اقرأ ايضاً