بعد أسبوع من الأزمة البيئية التي تناولتها الصحف المحلية حيال تلوث مياه بحر خليج توبلي وتزايد نفوق أعداد كبيرة من الأسماك يوما بعد يوم من دون أي تحرك رسمي حكومي، أصبح المستهلك الضحية الأولى من بعد البيئة، وذلك بعدما صار محاربا جوا بعد تلوث قرية المعامير، وأرضا بسببب أعمال الردن والمواد السامة في مختلف مناطق المملكة، ليحارب أخيرا بحرا بتجاوزات خليج توبلي.
فقد أكد أحد البيطريين أن مياه المجاري الملقاة في الخليج تحتوي على غازات سامة ومميتة، وهي تتسبب في نفوق الأسماك بصورة سريعة، إذ تحتوي على غاز الامونيا والنشادر الخطيرين جدا باعتبارهما من السموم التي يتخلص منها الجسم، يأتي هذا في وقت أكد فيه عدد من الصيادين البحرينيين أن كميات الأسماك التي تصطاد وتباع في السوق المحلية سليمة، وأن هناك العديد من المصائد السمكية في المياه الإقليمية البحرينية سلمية وغير متعرضة لأي تلوث بيئي، على حد قولهم. وأضاف الصيادون أن «تفاقم مشكلة نفوق الأسماك في المنطقة المحيطة بخليج توبلي لها أسباب عدة لا علاقة مباشرة لها بباقي المصائد التي يعمد إليها الصيادون يوميا، وخصوصا أن خليج توبلي من المناطق التي هجرها الصيادون منذ فترة زمنية طويلة باعتبار أن ظاهرة التلوث والنفايات وغيرها قديمة وليست جديدة على الخليج»، مشيرين إلى أن «غالبية الصيادين في السوق المحلي ليسوا مضطرين لصيد وبيع أسماك نافقة أو مصابة بأمراض إثر عيشها في مناطق ملوثة، لأن علامات نفوق الأسماك تكون واضحة، فضلا عن التزام الصيادين بشرف المهنة والأمانة تجاه عملائهم في السوق».
وأوضح الصيادون أن «هناك تفاوتا لدى المستهلكين في السوق المحلي بالنسبة لإقبالهم على شراء الأسماك، ففيما انخفض إقبال البعض منهم بهدف تلافي أية أمراض أو وباء يحتمل أن تحمله الأسماك خلال هذه الفترة الحرجة، لايزال مستوى الإقبال عند البعض الآخر يراوح مكانه نظرا لوجود الثقة في الصيادين أو الجزافين الذين يتعامل معهم، وهناك احتمال بأن يكون غير مبال بما يتناوله الوسط الإعلامي»، لافتين إلى أن «الكثير من المستهلكين على درجة كبيرة من العلم بشأن مصائد الأسماك البحرينية والمواطن التي توجد فيها الأسماك الجيدة والسليمة، باعتبار أن هناك مناطق بعيدة عن سواحل المملكة تعرف بالاسم منذ سنوات وهي بعيدة نسبيا عن التلوث».
أما المستهلكون فلم يعتبروا ما حصل في خليج توبلي أمراضا خطيرة ومستحدثة على الحياة البيئية في البحرين، إذ أجمع عدد كبير منهم على أن غالبية المنتجات البحرينية من خضار وفواكه وأسماك وجو وماء ملوثة بيئيا منذ فترة طويلة، وأن المواطن أصبح لا يعبأ لانتشار التلوث في كل مكان وكثرته. كما أكدوا أنهم يحاذرون في الوقت ذاته من الأسماك التي يشترونها من السوق خلال الفترة الحالية، موضحين أن البعض منهم لجأ إلى شراء اللحوم بدلا من الأسماك على رغم نقص اللحوم في السوق المحلي.
وعلى صعيد الاختصاصيين علقت استشارية طب العائلة عبير الأستاذ على ما وصل من أنه يتم ضخ كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي (المجاري) في مياه خليج توبلي بالقول «في حال تعرض الأسماك التي يأكلها الإنسان لأي نوع من أنواع السموم أو المواد الكيماوية أو تغذيها على فضلات ملوثة وموبوءة فإن التأثير يكون مباشرا عند الأكل البشري، باعتبار أن ما تحويه الأسماك في لحومها سينتقل تلقائيا إلى الإنسان، وهو يؤثر بالتالي على الشخص لتظهر عليه آثار التسمم عليه من تقيؤ وآلام في البطن وإحساس بالدوران بالإضافة إلى عوارض أخرى».
وهنا تساءل عدد من المهتمين بالشأن البيئي عن دور إدارة الثروة السمكية والموارد البحرية باعتبارها المسئولة عن تقييم مصايد الأسماك وإدارتها في البحرين، إذ تقوم بجمع البيانات بانتظام عن الكميات التي يتم إنزالها وعن الأسواق، وتسجيلها في قاعدة بيانات خاصة عن الثروة السمكية. وكذلك تقوم الإدارة بإجراء عمليات المسح والدراسات اللازمة، وخصوصا أن من الأهداف التي تحرص إدارة الثروة السمكية والموارد البحرية على تحقيقها تطوير قطاع مصايد الأسماك، وحماية الموارد السمكية والبحرية، وإدخال تربية الأسماك في المياه البحرية على أسس تجارية. وكذلك تقوم الإدارة بإجراء مسوح وتُصدِر تقارير إحصائية عن حالة مصايد الأسماك في البحرين، بالإضافة إلى الكثير من الأمور الأخرى.
العدد 1759 - السبت 30 يونيو 2007م الموافق 14 جمادى الآخرة 1428هـ