العدد 2262 - الجمعة 14 نوفمبر 2008م الموافق 15 ذي القعدة 1429هـ

الشيخ صلاح الجودر: الإسلام يرفض العنف والإرهاب والإساءة إلى الأديان

الوسط - محرر الشئون المحلية 

14 نوفمبر 2008

قال إمام جامع قلالي في خطبة صلاة الجمعة أمس إن الأمن مطلب بشري يرومه جميع الأفراد والمجتمعات، وتنشده كل الشعوب والحضارات، وأمتكم اليوم في هذه الأشهر الحرم تتوجه نحو مركز أمنها واستقرارها، مكة الحبيبة، قبلة المسلمين الأولى، تتجه في ركنها الخامس «حج بيت الله الحرام» لتعلن للعالم في مؤتمرها السنوي أن هذا الدين هو دين التسامح، ودين الرحمة، ودين التعايش، ودين الإنسانية، دين يرفض العنف والإرهاب، دين يرفض الإساءة إلى الأديان السماوية والأنبياء.

وحذر الجودر من الحملات المسعورة، والمخططات المدسوسة، والدعايات والأخبار المغرضة، التي وصفها بمؤامرات تحيكها بعض الدوائر والنفوس المريضة، وتروج لها بعض العقول المغرر بها، التي تنتسب إلى هذا الدين، والدين منهم براء. وإن هذا الترويج الباطل الذي نشاهده في بعض القنوات الفضائية والمنتديات الإلكترونية ينبغي ألا يجر أولي العقول والبصائر منكم إلى السكوت عمن يريد تشويه هذه الأمة والإساءة إليها، بل يجب فضحه وكشفه وتعريته، فالإسلام الحق هو الذي يدعو إلى الحوار لا الصدام «وجادلهم بالتي هي أحسن»، الإسلام الحق هو الذي يدعو بالحسنى لا الإكراه «لا أكراه في الدين» (البقرة:256)، الإسلام الحق هو الذي يدعو للأمن والاستقرار، ونبذ العنف والإفساد، قال رسول الله (ص) «أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا، وكحرمة شهركم هذا». فاقرأوا-إن شئتم- خطبة نبيكم في حجة الوداع وما تضمنته من مبادئ لحقوق الإنسان، وقفوا عند سيرة أصحابه وآل بيته وكيف أنهم ملكوا الدنيا حينما تواصلوا مع الحضارات والثقافات الأخرى، فاستوعبوا حضارة مصر والعراق وفارس والرومان والحبشة، وما كان ذلك إلا من خلال الحوار.

وأوضح الجودر، فهذا جعفر بن أبي طالب يقف محاورا للنجاشي في بلاطه وحوله القساوسة والبطارقة قائلا: أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده, لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. وهذا الفاروق عمر بعد أن فتح بيت المقدس يدخل كنيسة القيامة بوقاره وتواضعه وتسامحه، لم تدفعه قوته إلى التعدي على الكنائس والمعابد، بل أمنهم في دورهم وعلى أموالهم وأنفسهم وأعراضهم، ووضع الوثيقة العمرية التي تشتمل على عظمة هذا التدين وما يقر من تسامح ديني، فقال له بطريرك بيت المقدس عندما أدركته الصلاة: صل حيث أنت، قال: لا، لو صليت هنا لوثب المسلمون على المكان وقالوا: هنا صلى عمر وأخذوا الكنيسة منكم، فخرج وذهب بعيدا فصلى، فأي تسامح أعظم من هذا التسامح الديني.

وقال الجودر: «جرى في اليومين الماضيين بالأمم المتحدة مؤتمر «حوار الأديان والثقافات»، وشاركت فيه غالبية الدول ورجال الدين ليعلنوا للعالم مرحلة إنسانية جديدة عنوانها التسامح والتعايش».

وبين، لا يخفى عليكم أن هذا الوطن كان ولا يزال في مقدمة الدول المتسامحة دينيا، فقد كان له السبق في تنظيم مثل هذه الحوارات الإنسانية، ففي العام 2002م كان مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي، وفي يناير/ كانون الثاني من هذا العام (2008م) منتدى حوار الحضارات، وتم تنظيم مؤتمرات التقريب والزيارات المتبادلة بين العلماء ورجال الدين من مختلف الأديان والمذاهب والثقافات لتأصيل ثقافة الحوار.

وأكد الجودر أن مؤتمر الحوار الأخير كان فرصة لإبراز الوجه المشرق للإسلام الذي يدعو للتسامح والتعايش والحوار مع الآخر، وقد برزت فيه كلمة عاهل البلاد حين قال سماحة الإسلام وتعاليمه تنبذ العنف وتدعو إلى السلم والأمن والعدل والرحمة والمؤاخاة بين بني البشر عموما، قال الله تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا» (الحجرات: 13). مثل هذه الحوارات تكشف لنا عن المشتركات التي نحتاج إليها مع شعوب العالم، ومنها مبادئ التسامح والتعايش وقبول الآخر، من هنا ندعو إلى مزيد من اللقاءات والحوارات. لذلك نثمن هذا الجهد من قادتنا وحرصهم على نقل الصورة الحقيقية عن الإسلام والمسلمين، وحرصهم على نزع فتيل الصراعات وفي مقدمته التطاول على الأنبياء والمرسلين، ونؤكد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وعودة المبعدين.

العدد 2262 - الجمعة 14 نوفمبر 2008م الموافق 15 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً