العدد 1758 - الجمعة 29 يونيو 2007م الموافق 13 جمادى الآخرة 1428هـ

منتدى «فيينا» يوصي بضمان مشروعية الحكومات وتفعيل إشراك المجتمع المدني

حضره ثلاثة برلمانيين بحرينيين ودعا لزيادة الشفافية ومحاربة الفساد

الوسط - محرر الشئون المحلية 

29 يونيو 2007

أوصى المنتدى العالمي السابع بشأن إعادة صوغ أداء الحكومات وإعادة توثيق العلاقات بين الحكومات والمجتمعات المنعقد في مقر الأمم المتحدة في العاصمة النمسوية (فيينا) بين 26 و29 يونيو/ حزيران 2007، بضمان مشروعية الحكومات من أجل تعزيز ثقة المواطنين في حكوماتهم، ودعم إشراك المجتمع المدني على نحو فعال، وتحديد الأولويات في مجال تقديم الخدمات، وزيادة الشفافية والمساءلة من أجل مكافحة الفساد.

وشارك في المنتدى ثلاثة برلمانيين من البحرين هم: النائب عبدالجليل خليل والنائب صلاح علي وعضو مجلس الشورى بهية الجشي. وللسنة السابعة ينعقد المنتدى العالمي المعني بإعادة صوغ نهج الحكومات. ومؤتمر هذا العام ركز على «بناء الثقة في الحكومة».

وافتتح رئيس النمسا هاينز فيشر المؤتمر قائلا: «إن إعادة اختراع الحكومات همّ مشترك ويمثل مصدر قلق عالمي، وتشارك فيه جميع الحكومات التي يجب عليها أن تعمل على ضمان ثقة الناس، ويجب علينا أن نعمل ضد النزعات من خلال تنمية الجهود الديمقراطية، وضمان سيادة القانون دائما». وأشار فيشر إلى أن «الفساد هو إحدى المسائل الرئيسية التي أدت إلى فقدان الثقة في الحكومات، كما تفسد الحركات الإرهابية البيئة السياسية من خلال نهب الموارد التي يمكن استخدامها لبناء البنى التحتية والصحة وتربية الشباب».

من ناحيتهم نادى المنتدون «بإعادة الثقة في الحكومات من خلال دمقرطتها»، واعتبروا ذلك «ضرورة ملحة لإحلال الاستقرار لأنه سر بقاء الحكومات»، معتبرين أن «الحكم الجيد يتوقف على فعالية المؤسسات التي وضعت لتلبية تطلعات الناس». وعبروا عن أسفهم للدراسة التي أظهرت أن 90 في المئة من الناس ليست لديها الثقة في حكوماتها، وحذروا من أن أية حكومة تسلب السلطة لا يمكن الوثوق بها من قبل مواطنيها، مشيرين إلى أن على الحكومات إشراك المجتمعات في صنع القرارات بشأن الكيفية التي يريدون أن يحكموا بها إذا كانت الحكومات تود الحصول على ثقة مجتمعها.

وقدم المنتدى المنح لعدد من البلدان من أجل تحسين الخدمات المقدمة للمجتمع، وتعزيز مشاركتها في صنع السياسات والقرارات، وتحسين الشفافية والمساءلة والاستجابة للخدمة العامة، والاستجابة للرأي العام.

وفي ختام المنتدى صدر بيان عالمي حدد مبادئ وتوصيات المؤتمر، جاء فيه «إن المنتدى العالمي السابع المعني بالتغيير الجذري لمفهوم الحكم، الذي نظمته الأمم المتحدة بدعم من حكومة النمسا ومجموعة المؤسسات الشريكة، جمع شمل وزراء ومسئولين من كبار المسئولين الحكوميين ورؤساء بلديات ومنظمات من المجتمع المدني وممثلين للقطاع الخاص والأكاديميات والمنظمات الدولية من أجل تبادل الممارسات الجيدة والابتكارات والاستراتيجيات الرامية إلى تحسين أسلوب الحكم وبناء الثقة في الحكومة. وأثناء المنتدى، قدم متكلمون وأعضاء أفرقة مناقشة مرموقون تجاربهم ووجهات نظرهم في إطار سبع جلسات عامة وسبع حلقات عمل بشأن تنمية القدرات. وعقدت أيضا قبل انعقاد المنتدى بيوم واحد ستة اجتماعات خاصة لنواب البرلمانات ورؤساء البلديات ومديري معاهد الإدارة العمومية وأعضاء اللجان الانتخابية وشبكات الإدارة العمومية. وتحضيرا للمنتدى، عقدت أيضا ثمانية منتديات إقليمية بشأن التغيير الجذري لمفهوم الحكم في الفترة ما بين يناير/ كانون الثاني 2006 ومايو/ أيار 2007، وعرضت على المنتدى العالمي السابع نتائج تلك المنتديات وتوصياتها.

وقال البيان: لقد أصبح بناء الثقة في الحكومة شاغلا عالميا في الوقت الحاضر. فالناس عندما لا يرون في زعمائهم السياسيين وأعضاء حكومتهم من يمثلهم ويمثل اهتماماتهم، تنعدم ثقتهم ويتلاشى اهتمامهم. وعندما تخيب آمال المواطنين في الطريقة التي تعمل بها الدولة وفي ما تقدمه إليهم، يمكن أن يترتب على ذلك تنافر من شأنه أن يتفاقم في سياق العولمة. وهذا يفضي إلى انعدام الثقة واللامبالاة».

وأضاف البيان: «اعترافا منا بنتائج المنتديات الإقليمية التحضيرية الثمانية بشأن التغيير الجذري لمفهوم الحكم، فإننا نسلم بأنه لا توجد وصفة واحدة لبناء الثقة في الحكم. بل إن هنالك حاجة إلى اعتماد نهج شامل. ومع أن مبادئ الحكم الديمقراطي، ومنها الشفافية والمساءلة وإشراك المواطنين، هي مبادئ عالمية، فإن هناك سبلا مختلفة لإنجازها.

وإدراكا منا لكون النساء يشكلن أكثر من 50 في المئة من السكان، وتسليما بالدور الأساسي الذي يؤدينه في كل مجالات الحياة، فإننا نحث على أن تكون شواغل المرأة في صميم كامل عملية تنفيذ التوصيات الواردة في هذا الإعلان».

وركز البيان في التوصيات على السبل الكفيلة ببناء الثقة في الحكومة، إذ أوصى بضمان مشروعية الحكومة، قائلا: «من أجل تعزيز ثقة المواطنين في حكوماتهم، لابد أن تتحلى الدولة بالمشروعية والنزاهة والمتانة المؤسسية، ولابدّ أن ينظر إليها كذلك. أما المشروعية، فهي تستمد من احترام حقوق الإنسان الأساسية والدستور والتقيد بمبادئهما، بما في ذلك الفصل بين سلطات جهازي الحكومة التنفيذي والتشريعي واستقلال القضاء. وتضفي الانتخابات المشروعية السياسية وتدعمها عندما ترمز إلى أختيار الشعب عموما وتجسد ذلل الاختيار لذل فإننا نتفق على أن من واجب الحكومات أن تواصل جهوها الرامية إلى تنظيم انتخابات حرة ونزيهة ومنتظمة. ولابد من احترام سيادة القانون وصونها. ونحن نشدد على أهمية وجود علاقة بناءة بين البرلمان والسلطة التنفيذية من أجل بناء الثقة. ولكن المشروعية تنبثق أيضا من وجود تفاهم حول دور الدولة ووظائفها ودور مختلف الأطراف الفاعلة في الميدانين الاجتماعي والاقتصادي».

وفي توصيته بتحديد الأولويات في مجال تقديم الخدمات وإتاحة سبل الوصول إليها بيّن المنتدى «إن أداء القطاع العام ينشئ الثقة في الحكومة بإنتاج «قيمة عمومية» من خلال توفير خدمات عمومية يمكن التعويل عليها حيث إنها لا تكتفي بمعالجة مواطن الإخفاق في السوق وإنما تنتج أيضا قيمة بتحقيق الإنصاف والمساواة وإيجاد «رأس مال اجتماعي». وتتوقف الثقة في الحكومة جزئيا على مدى تمكن الحكومات من ضمان حصول مواطنيها باستمرار على الخدمات الأساسية التي يعولون عليها لكي تستجيب لاحتياجاتهم. وكثيرا ما تشكل الخدمات الموفرة على الصعيد المحلي نقطة الاتصال الأولى بين المواطنين وعمليات الحكومة. وهذا يؤثر لا في نظرة المواطنين إلى مدى استجابة الحكومة لهم فحسب، بل ويؤثر أيضا في نظرتهم إلى قيمة المشاركة المحلية في إدارة شئون مجتمعاتهم المحلية. لذلك، فإننا نوصي بأن تسعى الحكومات على سبيل الأولوية إلى تحسين سبل الحصول على الخدمات وتقديم تلك الخدمات. وهذا ذو أهمية خاصة فيما يتعلق بالفئات المهمشة. وعلاوة على ذلك، فإننا نوصي بأن يعتمد في الخدمات العمومية نهج يركز على خدمة الزبائن، بهدف تحسين استجابة تلك الخدمات لاحتياجاتهم ونوعيتها. وينبغي أن تدمج في مختلف عمليات الحكم الإفادات التقييمية التي يقدمها المواطنون، كما ينبغي إشراك المواطنين إشراكا كاملا في تلك العمليات».

وبخصوص زيادة الشفافية والمساءلة من أجل مكافحة الفساد قال المنتدون: « نحن نسلم بأن الفساد هو واحد من أكبر التحديات التي تواجه العالم. فالفساد الذي يضلع فيه مسئولون من كل القطاعين العام والخاص يمثل سوء استعمال للسلطة على نحو خطير ومدمر. ولكي تكون للمواطنين ثقة في الحكومة، لابد أن يتصرف نوظفو الخدمة المدنية والمسئولون المنتخبون وغيرهم من أصحاب المصلحة وفقا لأعلى المعايير الأخلاقية وطبقا للقانون. لذلك، نوصي بالتقيد الكامل بأحكام اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بالإضافة إلى اعتماد وتنفيذ تدابير تشريعية وإدارية على الصعيد الوطني. ونوصي كذلك بتعزيز الشفافية في وضع السياسات وضمان الحق في الحصول على المعلومات وتحسين آليات الإنفاذ وزيادة توعية الناس وتعزيز المؤسسات المناهضة للفساد. ونوصي أيضا بأن يكون لمنظمات المجتمع المدني دور نشط في تقييم السياسات وفي القيام بمبادرات لمكافحة الفساد».

وأوصى المنتدى كذلك بتحسين سبل الوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصال إذ إن «الحكومة الإلكترونية تنطوي على إمكانات هائلة تتيح تحسين الشفافية وتدعيم زيادة ضلوع المواطنين ومشاركتهم في عملية وضع السياسات وتحسين نوعية القرارات السياسية وتنفيذها.

ودعم إشراك المجتمع المدني على نحو فعال إذ «لابدّ من تمكين المجتمع المدني من أداء دوره كشريك كامل في الحكم لكي تتأصل الثقة في المؤسسات الحكومية، ويمثل الحوار المفيد والمشاركة المباشرة والمنتظمة في منظمات المجتمع المدني سبيلين من أكثر السبل مباشرة ونجاعة لبناء الثقة وإيجاد مجتمعات مفعمة بالثقة. فالمجتمع المدني يعزز الثقة في الحكومة لأنه يقدم نفسه على أنه ميدان للتفاعل الدائم بين الدولة والمجتمع. وينبغي للحكومات أن تفسح مجالا سياسيا كافيا للمجتمع المدني لكي يقوم بدوره ويساعد بالتالي على بناء الثقة الاجتماعية والسياسية. وأوصى بتحديث التشريعات التي تنظم أنشطة المجتمع المدني، وزيادة إشراك المرأة في الأنشطة الاقتصادية وفي إتخاذ القرارات السياسية، وزيادة إشراك الناس في عملية التخطيط لأنشطة القطاع العام وإدارتها. وتشجع على الحوار المفتوح والاتصال.

ونادى المنتدى بإحداث اهتمام بناء لدى وسائط إعلام حرة - نظرا إلى أن جزءا حيويا من الحفاظ على الثقة يتوقف على نظرة الناس، سواء أكانت نظرة صحيحة أم خاطئة، فقد تزايد دور وسائط الإعلام في تكوين تلك النظرة تزايدا كبيرا مع الثورة الحاصلة في ميدان المعلومات. وقد استجابت الحكومات بتخصيص مزيد من الموارد ومن الوقت الوزاري فيما يتعلق بوسائط الإعلام. ولكن هناك حالات لابدّ من إزاحة الحواجز الاجتماعية والقانونية التي تعترض مشاركة المرأة. وهذا مهم أيضا فيما يتعلق بالمعوقين. ومن الضروري ضمان التزامن والتناسق بين كل من إصلاح قطاع الأمن وتحقيق العدالة والمصالحة ووضع الدستور وتجنب الصراعات من خلال العدالة الإقساطية القائمة على إعادة التوزيع. وعلى رغم من أن إنشاء مؤسسات جديدة أمر بالغ الصعوبة، فإن اكتساب تلك المؤسسات المشروعية وتحقيقها النجاعة في عملها أعسر بكثير. وفي هذا السياق، نشدد على أنه ينبغي لمنظمات المساعدة الدولية أن تكيف دعمها وفقا للاحتياجات المحددة لدى كل بلد خارج من صراع وينبغي تقديم الدعم في كل طور من أطوار العملية الانتقالية. وينبغي إشراك كل أصحاب المصلحة الأساسيين.

وحث البيان الشركاء الدوليين في عملية التنمية، بمن فيهم المانحون الثنائيون والأمم المتحدة، على زيادة الدعم المقدم إلى البلدان النامية من أجل تعزيز قدراتها في مجالي إدارة الشئون العمومية والحكم. كما بحث أيضا على أن تكون هناك متابعة ملموسة للمنتدى العالمي السابع. وأوصى بأمور منها بوجه خاص إتخاذ التدابير الآتية: دعم شبكة عالمية من المبتكرين من أجل تقاسم الأفكار والتجارب والقيام بدور المرصد، ودعم مراكز إقليمية وعالمية معنية بالحكم من أجل توثيق الأفكار الجيدة وتقاسمها، ودعم منتديات إقليمية من أجل صوغ استراتيجيات للتعاون الإقليمي بغية تحسين إدارة الشئون العمومية والحكم، ترويج التعاون والحوار بين الشمال والجنوب وفيما بين بلدان الجنوب، وتشجيع المشروعات الرائدة المنفذة في بلدان معينة على تجريب منهجيات ونهج بديلة من أجل ترويج الحكم الفعال والديمقراطي وتعزيزه، والتركيز في فئة واحدة على الأقل من فئات جائزة الخدمة العامة التي تمنحها الأمم المتحدة على المشروعات التي تساهم في تعزيز ثقة المواطن في الحكومة، والإيعاز بإعداد أوراق مفاهيمية من أجل وضع إطار من المبادئ لدعم الثقة في الحكومة.

وإضافة إلى شبكة المبتكرين العالمية وبالتوازي معها، حث المنتدى أيضا على تنظيم اجتماعات مائدة مستديرة وزارية دوريا لكي يستعرض المشاركون فيها تجاربهم في مجال معالجة مسائل مختارة تتعلق ببناء الثقة ويعدمون توصيات في هذا الشأن. وأوصى كذلك بتنظيم اجتماعات مماثلة على الصعيدين الإقليمي والمحلي للمسئولين عن إدارة الشئون المحلية. أخيرا وأوصى أيضا بتنظيم اجتماعات مائدة مستديرة لنواب البرلمانات لكي يتقاسموا الممارسات الابتكارية والتصاميم المؤسسية.

كثيرة يمكن وينبغي فيها القيام بالكثير الكثير لتوجيه اهتمام وسائط الإعلام على نحو إيجابي إلى ما هو مجد ونافع. ويقتضي ضمان المشروعية وجود وسائط إعلام حرة ومسئولية لتمكين كل المواطنين من المشاركة بقدر أكبر في الحلول السياسية. كما حث أيضا على تقريب الحكومات من الشعب، إذ إن الحكم المحلي هو واحد من أنجع سبل سد الفجوات بين المواطنين والممثلين السياسيين ومديري الشئون العمومية.

العدد 1758 - الجمعة 29 يونيو 2007م الموافق 13 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً