يبدو أن الأسبوع الماضي كان أسبوعا حزينا على سواحل المملكة، من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، فمن نفوق الأسماك، التي قادت أسبابه إلى الكشف عن كارثة بيئية تتهدد خليج توبلي، ومن توبلي إلى ساحل الصدد الذي بدأت فيه عمليات الردم غير المرخص لها.
البداية نفوق أسماك في النبيه صالح وجرداب
بدأت القضية حين تبيّن أن أعدادا كبيرة من الأسماك نفقت على ساحل النبيه صالح، لتمتد في اليوم الثاني إلى ساحل جرداب، وأكد بيئيون حينها أن عملية نفوق الأسماك تعود إلى أن خليج توبلي الذي يندرج تحته كل من ساحل النبيه صالح وساحل جرادب يعانيان من نسبة معدومة من الأكسجين التي تحتاجها الأسماك، وخصوصا في ساحل النبيه صالح، إلى جانب أن نسبة تعكر ماء البحر مرتفعة بشكل كبير ما يسبب أحيانا عدم قدرة الأحياء البحرية على الرؤية بسبب كثافة التعكر.
محطة الصرف الصحي هي المتهمة
نقل خبراء ومصادر موثوق بها إلى «الوسط» معلوماتٍ عن أن محطة توبلي للصرف الصحي التابعة إلى إدارة تشغيل وصيانة الصرف الصحي في وزارة الأشغال والإسكان تتحمّل مسئولية نفوق الأسماك الذي شهدته السواحل القريبة منها خلال الأيام القليلة الماضية، ولفتت المصادر إلى أن محطة توبلي للصرف الصحي لاتزال تلقي مياه الصرف الصحي في خليج توبلي نفسه، الذي كان من المفترض أن يكون محمية طبيعية، باعتبار أنها تضم مختلف أنواع الطيور والأعشاب. كما كان واضحا وجود أنبوب مصدره المحطة يقوم بإلقاء المياه المعالجة في خليج توبلي بشكل مستمر.
وفي غضون ذلك اشتكى عدد من البحارة من تأثرهم بما حدث من نفوق للأسماك في ساحل جزيرة النبيه صالح، مؤكدين أن ما جرى من شأنه أن يؤثر على المخزون السمكي في بحر سترة.
أحد المهندسين المعنيين بهذا الجانب أكد لـ «الوسط» أن السبب الرئيسي في تلوث مياه خليج توبلي ونفوق الأسماك هو ذلك الأنبوب الذي يلقي بمخلفاته ليل نهار في خليج توبلي، الذي «ينبع» من محطة تدفق المياه المعالجة في منطقة توبلي، وذلك لاحتوائها على نسبة عالية من الملوثات، لأنه لا يتعرض لتكرير كلي أو شبه كلي.
بقعة سوداء تسيطر على خليج توبلي
سيطرت حال من الهلع والقلق على عدد من أهالي منطقة توبلي لتزايد مساحة البقعة السوداء التي بدأت في الانتشار في مياه الخليج، وأكدوا أن مصدر هذه البقعة هو محطة توبلي، كما اشتكى الأهالي من انبعاث رائحة كريهة من البقعة لا يمكن تحملها، وانتقدوا تجاهل المسئولين لما وصفوها بـ «الكارثة البيئية» التي يعيشها الخليج منذ فترات طويلة من دون أن يكون هناك أي تحرك جدي لحلها.
«التحقيق في الجارم» تدخل على خط نفوق الأسماك
بحثت لجنة التحقيق البرلمانية في أوضاع فشتي الجارم والعظم خلال اجتماعها مع إدارة الثروة السمكية وجمعية البحرين للبيئة الأسبوع الماضي تدهور الوضع في خليج توبلي ونفوق الأسماك فيه، وتوصلت إلى أن أحد أهم أسباب نفوق الأسماك هو ضعف التيارات المائية في خليج توبلي، وخصوصا أن مساحة الخليج تصل إلى 14 كيلومترا مربعا، وأكدت أنها ستواصل تحركها على هذا الصعيد.
ساحل صدد يردم من دون ترخيص
بعد أزمة حظور المالكية التي لم تنتهِ بعد، كانت هناك مخالفة جديدة في ساحل صدد مجهولة المصدر، تمثلت في لسان رملي منحنٍ داخل البحر من دون ترخيص من البلدية.
ووفقا لعضو مجلس بلدي الشمالية علي منصور، فإن المخالفة بدأت منذ نحو شهر باستخدام الآليات الثقيلة في الجهة الجنوبية من ساحل المالكية، موضحا أنه أخطر الجهاز التنفيذي في البلدية بالموضوع بعد أسبوع من ضبطه عملية الردم، إذ تبين أنه ليس هناك أي ترخيص وهو ما يتعارض مع قانون رقم (20) لسنة 2006 الذي أصدره عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة والذي يقضي بمنع ردم السواحل ومعاقبة المتجاوزين.
...آخرها برادة حديد في ساحل سترة
آخر الكوارث البيئية التي تعرضت لها سواحل المملكة كانت مخالفة بيئية تقوم بها إحدى الشركات من خلال رمي برادة الحديد في البحر من جهة جزيرة سترة، وقدر حجم البرادة الإجمالية التي يمكن أن تتسبب بأضرار بيئية نحو طنين.
تحالف وطني لـ «العدالة والانصاف»
أوصى المشاركون في ورشة العدالة الانتقالية التي عقدت في مقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) الأسبوع الماضي بتشكيل «الهيئة الأهلية للحقيقة»، على أن تتشكل من شخصيات تختارها الجمعيات واللجان المنظمة لهذه الورشة، وهدفها العمل على رصد وتوثيق قضايا الضحايا، وتشكيل لجنتها التنفيذية، وصندوق لتمويل أعمالها.
وفي اليوم العالمي لضحايا التعذيب الذي صادف تاريخ 26 يونيو/ حزيران الماضي، أشهرت 11 جمعية ما أسمته «التحالف الوطني من أجل الحقيقة والانصاف والمصالحة»، وحددت اللجنة المنسقة للتحالف أهدافه العامة المتمثلة في كشف الحقيقة وجبر الضرر والمساءلة والمصالحة الوطنية وضمانات عدم التكرار.
العدد 1758 - الجمعة 29 يونيو 2007م الموافق 13 جمادى الآخرة 1428هـ