العدد 2262 - الجمعة 14 نوفمبر 2008م الموافق 15 ذي القعدة 1429هـ

دوامة الخوف والريبة تلف «حوط» سترة

عمّ الهدوء واختفت الأصوات بغياب شمس تلك الجزيرة لتتعالى على أطرافها أصوات أخرى كأصوات كؤوس الخمر وقرع الطبول والنساء على طاولة القمار، ولتتناثر بين جنباتها إبر ولفائف من حشيش، لتخفي وراءها بعضا من «حوط جزيرة سترة» بين جدرانها التي يعود عمرها إلى أكثر من 20 عاما، وتبدو أشبه بالخطوط الحمراء التي يصعب الاقتراب منها، ولا يكون النظر إليها إلا خلسة.

«حوط» تتحول بعد سقوط الشمس إلى أوكار للمخدرات وممارسة الفحشاء ليكون الليل ساترها، 35 «حوطة» في جزيرة سترة النادر منها يخصص لتربية الحيوانات وتحتل مهزة صدارة القائمة، فيما كانت أخطرها على الإطلاق تلك الموجودة في وسط الجزيرة ومحاطة بمنازل أهالٍ آثروا السكوت على تجاوزاتها خوفا من بطش مَنْ فيها، وبصمتهم صمت الجهاز التنفيذي في بلدية المنطقة الوسطى، كما طال صمت وزارة الداخلية التي أكدت لـ «الوسط» عدم وجود بلاغات ضد تلك «الحوط».


مناطق حمراء... تتعالى فيها أصوات الكؤوس والنساء

ماذا يجري في «حوط جزيرة سترة»؟

الوسط - زينب التاجر

مضى في سبيله وكأنه لم يرَ ما رأى أو يسمع ما سمع، فلم تكن تلك أصوات لنساء أو ضحكات على طاولة تضرب بها كؤوس الخمور وتتعالى منها أدخنة الحشيش، فكل ما رآه أراد عقله أن يعتبره مجرد تهيّؤات وهلوسة خائف من ظلام الليل، ليعود أدراجه سريعا من تلك المنطقة الحمراء ويغلق باب منزله في تلك الجزيرة أملا في أن يعم الهدوء مسامعه مجددا، بيد أن أصوات تلك الكئوس وقرع الطبول والنساء على طاولة القمار وتناثر أبر ولفائف الحشيش لم تمح من مخيلته التي ألف سماع ما يسمع منها والنظر لها في صمت منذ أكثر من 20 عاما خوفا من بطش من فيها، ومنذ ذلك الحين استغلت تلك المناطق الحمراء صمت الأهالي لتضم بين جدرانها انتهاكات جنسية طفولية وأخرى دينية وصحية، لتبدوا أشبه بالأوكار التي يصعب الاقتراب منها، ولا يكون النظر إليها إلا خلسة.

35 «حوطه» في جزيرة سترة، تحتل مهزة نصيب الأسد منها، استغل النادر والقليل منها لتربية الحيوانات وقضاء سهرات شبابية لا تعد أكثر من كونها تمضية لوقت فراغ، وأغلبها تتحول في حلكة الليل إلى «مراتع» للمراهقين والشباب التي تبدأ أعمارهم من 15عاما.

قيود الخوف من نقمة وبطش من فيها حال دون التصدي لها، ودائرة الصمت لفت تلك «الحوط الحمراء»، وبصمتهم صمت الجهاز التنفيذي في بلدية المنطقة الوسطى كما طال الصمت وزارة الداخلية، التي أكدت يوم أمس لـ « الوسط» عدم وجود بلاغات ضد تلك «الحوط»، في الوقت الذي اقتصر دور الجهاز التنفيذي على تحويل مخالفات رخص تلك الحوط إلى الشئون القانونية، لتمتد سلسلة تجاوزاتها وسط خوف أهلي وصمت رسمي اصطدم بإجراءات القانون.

بليت مهزة بنصيب الأسد منها، وانقسمت تلك الحوط إلى ثلاثة أقسام، أولها تلك التي تشيد برخصة بلدية لتربية الحيوانات، وثانيها تلك التي تبرم كعقود تأجير بين طرفين وتخضع للرقابة البلدية، والثالثة التي تشيد بوضع اليد وتتحول إلى مناطق حمراء بمجرد أن يغيب شعاع الشمس.

وعل تزايد أعداد تلك الحوط خلال السنوات الأخيرة وحوادث الاعتداءات على الأطفال، دقت أجراس الخطر وأيقظت من هم في سبات خوف عميق ليخرج البعض من الأهالي من صمتهم للتبليغ عن حوادث سرقات ومخدرات، بيد أن يقظتهم اصطدمت بصمت القانون الذي يرخي الحبل لمجرمي المخدرات من خلال الإفراج عنهم بكفالة أو بعد شهر من الحبس في أحسن الظروف.

على أطراف تلك الجزيرة لا يصعب عليك رؤية تلك الحوط التي بات البعض منها مكيفا ومأوى للخارجين عن القانون، وشكل مرتادوها عصابات يصعب الاقتراب من مناطقهم، ولاسيما في ساعات الليل المتأخرة، خوف الأهالي لم يقتصر على بطش أصحاب تلك الحوط ومرتاديها، وإنما هاجس طال الخوف من الإصابة بأمراض تنتشر فيما بينهم في مناطق تفتقر لأبسط أبجديات الصحة والسلامة. قانونية القانون وصمت الأهالي قد يحول دون الوقوف أمام تلك المناطق، في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات شعبية بوقف تجديد عقود تأجيرها ومحاولة تفعيل دور شرطة المجتمع بالقرب منها كخطوات احترازية للخروج من هذا المأزق.

ومن تلك الجزيرة إلى أروقة الجهاز التنفيذي في بلدية المنطقة الوسطى، لم يعول الأهالي كثيرا عليه، ولاسيما بعد أن أصدر وزير شئون البلديات والزارعة قرارا بإزالة حوط سند منذ ستة شهور، ومازالت قائمة حتى اليوم، معتبرين أن المشكلة أكبر من تحرك شعبي أو مساعٍ بلدية وإنما تحتاج لقانون رادع تتشارك فيه الأطراف المعنية.

وفي ذلك قالت مديرة إدارة الخدمات الفنية في بلدية المنطقة الوسطى فاطمة محمود خلال ردها على سؤال «الوسط» إن مخالفات الزرائب «الحوط» ترد إلى قسم خدمات الشئون الصحية من خلال شكاوى المواطنين المتضررين من وجود المخالفة، إذ يعمد القسم على جمع جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالمشتكي والمخالفة موضع الشكوى أو في أغلب الأحيان تصل تلك المخالفات عن طريق قسم الشئون الفنية.

وبينت الخطوات المتبعة لدى قسم الشئون الصحية مع أصحاب تلك الزرائب «الحوط» المخالفة وغير المرخصة من قبل البلدية والتي تبدأ بعد إحالة أوراق المخالفة من قسم الشئون الفنية بمعاينة موضوع الشكوى وتحرير إخطار للمخالف بضرورة إزالة المخالفة مع أخذ صورة فوتوغرافية للمخالفة، مستدركة بالقول إنه وفي حال لم يستجب المخالف لما جاء في الإخطار وانتهت المدة المحددة له في الإخطار، يتم إرسال كتاب له لحضور البلدية مذيلا بأرقام وأسماء من يجب عليه مراجعتهم.

وتابعت أنه في حال لم يتم التجاوب من قبل المخالف مع كل ما سبق من إجراءات فتعمد البلدية إلى إحالة أمره للشئون القانونية مرفقة معه تقريرا مفصلا عن المخالفة مدعما بالصور والأوراق الرسمية المستعملة في شأن المخالفة ويتم انتظار الرؤية القانونية للموضوع للبت في اتخاذ القرار المناسب حيالها.

وأشارت إلى أن أعداد الزرائب «الحوط» الموجودة في سترة تصل إلى 9 بعقود مبرمة بين أصحابها وأصحاب الأراضي وقد أحيل أغلبها إلى الشئون القانونية لعدم وجود ترخيص لها في البلدية.

وبدورها أكدت الداخلية في ردها على «الوسط» عدم وجود بلاغات مقيدة ضد تلك الحوط في جزيرة سترة، في الوقت الذي مازالت تلك الأصوات من تلك المناطق الحمراء تصدح مستغلة صمت الأهالي وقانونية القانون.

العدد 2262 - الجمعة 14 نوفمبر 2008م الموافق 15 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً