«لا يكاد الأمل يبرق بالنسبة إلى ضحايا التعذيب أو العائدين بحصولهم على التعويضات التي طالما وعدوا بها، حتى يخفت هذا الأمل من جديد بعد أن تضيع مطالبهم في دهاليز وزارات ومؤسسات الدولة التي لا تخرج منها بتحقيق أي من مطالبهم. وعلى رغم مرور سنوات على هذه المطالبات، وعلى رغم الوعود المتكررة التي صدرت من مجلس الوزراء، لاتزال مطالبة العائدين والضحايا مستمرة حتى هذا يومنا هذا.
وضمن رحلتها للمطالبة بالتعويضات، مرت لجان العائدين وضحايا التعذيب بمراحل عدة، يرتفع فيها صوتها مرة، ويخفت مرات، لكنها لم تتوقف أبدا عن هذه المطالبة.
أهم ما مر في هذه المراحل هو صدور بيان عن اجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 10 يناير/ كانون الثاني 2005 يذكر فيه تبني المجلس حل قضية العائدين في ضوء الاعتبارات الإنسانية والقانونية، وعلى رغم أن لجنة العائدين لم تطلع على القرار الذي تبناه مجلس الوزراء بهذا الشأن ، فإن أنباء وردت عن تبنيه حلولا للشق المعيشي (العمل، شراء سنوات الخدمة، التقاعد، ودعم أصحاب المشروعات الخاصة). أما بالنسبة إلى السكن فقد أحيل إلى اللجنة الوزارية للخدمات، التي يرأسها وزير الدفاع الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، التي بدورها رفعت اقتراحاتها إلى مجلس الوزراء. ونص تقرير هذه اللجنة الوزارية على أن التعويضات ستقتصر على دفع بدل سكن قدره 130 دينارا شهريا لكل أسرة محتاجة، وهو الأمر الذي اعتبرته لجنة العائدين « لا يشكل حلا» إذ إن هناك ما يقارب من 170 عائلة من العائدين لا تملك سكنا، وهم يعيشون إما متكدسين مع عائلاتهم أو يسكنون بالإيجار المرهق. وغالبيهم العظمى فوق سن الخمسين ومن أصحاب الدخل المتدني. معتبرة أن الحل الوحيد هو أن توفر الدولة سكنا دائما لهم خلال فترة زمنية معقولة. وهو ما طرحه وزير الأشغال والإسكان فهمي الجودر خلال الاجتماع المشترك بين لجنة العائدين واللجنة الوزارية المكلفة بقضية العائدين برئاسة الشيخ خالد بن عبد الله آل خليفة عندما أكد أن وزارته قادرة على توفير شقق للعائدين خلال 4 سنوات. غير أن وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد الخليفة قام بتكليف وزاره التنمية الاجتماعية بتقديم مساعدات الى العائدين المحتاجين وهي مساعده سكن (100-150دينارا) ومساعده تعطل (150 دينارا) ومساعده اجتماعية لغير القادرين على العمل (150 دينارا).
وفي الاجتماع المشترك بين اللجنة الوزارية المكلفة بملف العائدين من قبل رئيس الوزراء، برئاسة الشيخ خالد بن عبدالله الخليفة ووزير ديوان سمو رئيس الوزراء، ولجنة العائدين برئاسة عبدالنبي العكري، تم التوصل إلى مقترحات حلول لمشكلات الإسكان والتقاعد والتعطل والعجز عن العمل، وقد تم عرضها على مجلس الوزراء في 6 يناير 2006، وصدر بيان من رئاسة الوزراء يشير الى التعاطي مع المشكلة بروح إنسانية وفي ضوء القانون بعد أن نص على «قرر مجلس الوزراء التعامل بإيجابية مع ملف العائدين إلى الوطن تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء مع الأخذ في الاعتبار جميع الملابسات والظروف والاعتبارات في إطار قانوني وإنساني يكفل توفير احتياجات من بعض العائدين إلى الوطن لدمجهم في المجتمع بعد أن شملهم العفو الأميري للعام 2002».
أشاع هذا البيان تفاؤلا كبيرا لدى العائدين، وتدفق العشرات ممن لم يسجلوا أسماءهم على اللجنة للتسجيل. غير أن الموضوع توقف عند هذا الحد ولم يتم الاطلاع على خطوات التنفيذ. واشتكت لجنة العائدين من إحاطة اللجنة الوزارية قرارات مجلس الوزراء «بالسرية التامة» بعد أن فشلت جميع جهودها للاجتماع مع رئيس اللجنة أو باتجاه مخاطبة مكتب رئيس الوزراء. وعلى رغم المكسب الإيجابي من تصريحات مجلس الوزراء الرسمية، لم يكن الأمر خاليا من السلبية التي تمثلت في عدم إقرار الدولة بكامل هذه الحقوق ومسئوليتها المادية والمعنوية عن ذلك، وإرفاق ذلك بقرارات تنفيذية وجدول زمني للتنفيذ ووضع آليات للتنفيذ تكون لجنة العائدين طرفا فيها.
العدد 1757 - الخميس 28 يونيو 2007م الموافق 12 جمادى الآخرة 1428هـ