العدد 1756 - الأربعاء 27 يونيو 2007م الموافق 11 جمادى الآخرة 1428هـ

عيب يا سفارات الغرب هذا الابتزاز

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

من واجب الشعوب ممثلة في حكوماتها المحافظة على عزة وكرامة أهلها بأن تكون مواقفها جليلة لرفع رؤوس مواطنيها وحمايتهم من كل من يحاول الإنقاص منها وانه من مظاهر النهضة هو أن نعرف كيف ندافع عن حقوقنا وان ما يحدث اليوم من استياء ومظاهرات أمام مباني السفارات الغربية للحصول على تأشيرة شيء لا يصدقه عقل ومهزلة إنسانية حقيقية ما كانت لتحدث لو أن مواقف حكوماتنا كانت واضحة وصريحة أمام من يتعرض لشعوبنا من دون حق، والجدير بالذكر أن إهانة الشعوب من إهانة وجهائها وحكوماتها ليس إلا!

فالأجنبي الغربي والأميركي يدخل البلاد بتأشيرة في المطار ومن دون أية شروط، ويتدلل فيما يريده من طلبات فهو قادم للعمل وجمع المال سواء بشركات عملاقة ورواتب تناطح السحاب وتنافس أهل البلاد ثم يصدر تلك الأموال لبلاده ومن دون أية ضرائب وينعش اقتصاده وتزداد الرفاهية لديهم على حسابنا وفق خيرات بلادنا الوفيرة ولله الحمد!

وكل ذلك والخليجي ساكت ومغلوب على أمره ويرحب بهم أحسن ترحيب، فهكذا هي حضارتنا العربية وثقافتنا وأخلاقنا! وهو يرتجي حينما يشاء لزيارة بلادهم بأن تكون المعاملة بالمثل على أقل تقدير، ليفاجأ بصعوبات جمة وشروط غريبة ومن دون أي مبرر قد يرفض على رغم اكتمال كل البيانات، هذا علاوة على قلة الذوق في التعامل والاستفزاز بالألفاظ غير اللائقة مع العلم أن واجب السفارة التاريخي هو لتسهيل مهمات السفر إلى البلاد التي تمثلها... فالموظفون قد طلب منهم على ما يبدو أن يكونوا على درجة من الفظاظة غير المحتملة، والشيء الغريب هو كيف يعزفون ويأخذون جميع احتياجاتهم ويحجبونها عنا؟! أليس السفر هو من حق مواطنينا، سواء للتجارة أو الدراسة أو العلاج وحتى الفسحة؟!

بغض النظر عما حدث ويحدث في العالم، فهم إذا قرروا مواصلة التآمر علينا في بلادنا وكأن التحالف الغربي الأميركي ضدنا سياسيا لتفتيت ديارنا، وإن نهب ثرواتنا سابقا وحاليا لم يكفهم، فتجرأوا علينا الآن وازدادت وقاحتهم كي يستمروا إلى أقصى الحدود!

إن رمي الأوراق في وجه امرأة في السبعين ورفض زيارتها لابنها في فرنسا وثم إهانتها لفظيا هو ليس سببه الخوف من الإرهاب، بل هو قلة الذوق والأخلاق، وأن تتجاوز أسعار التأشيرة مع إضافة تأمين صحي إجباري تزيد كثيرا على المئة دينار ولمدة أيام معدودة فيه الكثير من الابتزاز! أما الإصرار على إحضار شهادة مصرفية لمعرفة مدخرات المسافر ففيه الكثير من الوقاحة والتدخل الأساسي في أدق خصوصيات البشر، وفيه الكثير من عدم اللياقة والتفرقة الطبقية والعنصرية! وماذا إذا عن الطلبة الراغبين في التجوال في الصيف للتزود المعرفي والثقافي، هل نقيدهم بالسلاسل لعدم وجود أرصدة كافية لديهم؟! وهل يحدث هذا مع طلبتهم، أما تناست السفارة بأن لهم معاملة مميزة في بلادهم وذلك بخفض كل وسائل السفر لهم بالنصف كمساعدة للشباب؟ كما يساعد ذوو الدخل المحدود أيضا بعمل استمارات خاصة لتشجيعهم على الحركة والسفر!

وسؤالي هو هل يطلب ذلك من الزوار الأجانب لبلادنا عندما يأتون للعمل أو الزيارة؟ أشك في ذلك! كما أن هنالك شروطا أخرى أخجل من كتابتها!

إننا متساوون في وعينا معهم وآن لهم أن يدركوا بأن حضارتنا العربية هي من الحضارات وما وصلوا إليه اليوم هو ليس إلا من تراكمات ماضينا، وهي ليست ملكا لهم وحدهم وأن من حقنا التمتع بها والأخذ منها، مثلما أخذوا ومازالوا يأخذون منا ومن الطاقة الغنية لدينا ويبنون بها أغلى صناعة ومن ثم يرجعونها إلى أسواقنا وبحساب نظام العولمة الإجباري المخيف والذي فرضوه فرضا لاستغلال كل قطرة دم في أجسامنا وامتصاصها إلى الرمق الأخير!

إن حضارة الغرب تعاني من أزمة في القيم (وليس في الإرهاب الذي يتسترون وراءه ويتصنعونه!) وهم يكيلون بقيم متناقضة، تنفي كل ما يدعونه من حرية ديمقراطية كاذبة، وأياديهم ملطخة بالإجرام والاغتصاب! إنها الحضارة الأنانية البحتة.

إن مثل هذا التعامل والقسوة لا تزيد النار إلا تأججا وعدوانا، فهي تربي مشاعر الحقد والكره والضغينة ضدهم، فزارع الشوك لا يحصد إلا الخراب. إن الحقوق لن تضيع هدرا وسنستردها يوما وسيدور الزمان وسنرى ما هو الثمن لهذا التصرف في التحكم بمقدرات البشر والتلاعب بها... وستدرك حكوماتنا حتما هذا الخطر وتعيد إليهم الإدراك الصحيح، وقبل استفحال الأمر، وصدق من قال: من أمن العقوبة أساء الأدب!

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1756 - الأربعاء 27 يونيو 2007م الموافق 11 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً