العدد 1756 - الأربعاء 27 يونيو 2007م الموافق 11 جمادى الآخرة 1428هـ

لسنا مع التغريد خارج السرب

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

ما قاله الرئيس الثاني لمجلس النواب في ورشة العمل الوطنية للمصالحة والإنصاف والحقيقة لا ينم عن حس وطني ولا يرتبط ما قاله ارتباطا وثيقا بأهداف الورشة ولا بجوهر وفحوى الندوة، فقد كانت بعيدة جدا عن المصالحة وأبعد منها ما تكون عن الإنصاف ولا تعبر أبدا عن الحقيقة المرة التي لاتزال مرارتها في حلوق الكثير من الأسر والعوائل وضحايا التعذيب الذين تجرعوا المر والعلقم إبان انتفاضة التسعينات المباركة، وشقوا بنضالهم المستمر وبتضحياتهم طريق الإصلاح السياسي الذي بات الجميع يستنشق عبيره الفواح وصال وجال الآخرون لكي يأخذوا نصيبهم (نصيب الأسد) من الغنائم ويطالب باستحقاقات ليس له منها من نصيب، والأسوأ والأمر عندما يزايد على الآخرين إذا تكلموا ونطقوا بالحق فهناك لايزال إلى الآن أناس يعيشون على أمجاد سابقة أيام أمن الدولة سيئ الصيت ويتمنون لو أن عقارب الساعة ترجع للوراء ولكن هيهات أن يتحقق ذلك فجلالة الملك لايزال يردد في تصريحاته وفي مواقفه الوطنية بأنه لا مجال لعقارب الساعة أن تعود إلى الوراء لأنه ينشد التطور والبناء والانتقال من حقبة إلى حقبة ومن مرحلة إلى مرحلة فقد ودعنا جميعا النفق المظلم إلى رحاب التنمية والإصلاح السياسي خطوة بخطوة، فلا نحتاج إلى دعم مصطنع يعتمد تشويه الصورة الجميلة بصورهم الباهتة التي لاتطاق والتي لا تليق ولا تتناسب مع المرحلة الحالية، فما قاله رئيس كتلة المنبر الإسلامي صلاح علي في الورشة التي عقدت أخيرا في جمعية وعد، يبين أنه وللأسف الشديد يغرد خارج السرب ولا ينم عن دوره الأساسي باعتباره نائبا للشعب بأكمله وعليه أن يكون الصوت الصادق والمعبر دائما عن الحق وفي سبيل الحق، وأظنه لايفهم ما يريده المنتدون، وتسبب في خروج من خرج من القاعة، فلسنا بحاجة إلى التغريد خارج السرب، وأن من يريد أن يغرد فليختر التغريد داخل السرب وإلا عليه أن يغادر، لا مجال للمجاملات والمزايدات ولسنا في معمعة الانتخابات لكي نتشدق في الذي نعرفه والذي لا نعرفه لكي نكسب الأصوات وبالتالي الفوز بالمقعد، أعتقد بأنه لا يعبأ بجرح مشاعر الآخرين وللدقة العلمية أشير إلى ما قاله وبعدها أحلله «عملية المصالحة لابد أن تأتي مصحوبة من تنازلات من جميع الأطراف وأن تكون قائمة على الثقة المتبادلة والمسئولية المشتركة» أظن بأن ما قاله علي يصلح بأن يكون خطابا يوجه للحكومة لأنها الجهة التي ينبغي لها أن تقدم التنازلات وأن تشعر بمسئوليتها الكبيرة تجاه الأضرار الجسيمة التي حلت ببعض الضحايا سواء النفسية منها أو الجسدية أو المادية وحتى المعنوية، وأن تثق بالمطالبين بحقوقهم وأن تقتنع بأن هؤلاء ليسوا طامعين في أموال الحكومة بل انهم يطالبون بجزء من حقوقهم المدنية والقيادة السياسية تعترف بأن الساكت عن حقه فإنه ضائع لا محالة، فلسنا في معرض أن نقنع الضحايا وأهاليهم بأهمية التنازل لأنهم فعلا قد تنازلوا عن أشياء كثيرة ولكن ليس إلى حد أنهم يتنكرون لأصل الموضوع وهو المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، لأن ذلك يعني الغباء الحقوقي، وكما نفهمه من تصريحات القيادة السياسية بأن الصوت المطالب بحقه ليس نشازا وإنما هو الصوت المرغوب فيه وواجب عليه أن يرفعه عاليا، كما على الحكومة أن تضاعف من جهودها في سبيل رفع الضرر عن الضحايا فهي المسئول الأول والأخير عن كل الأضرار التي حلت بهم فهي من تخطط وهي من تنفذ وعليها أن تقيم الأوضاع وتستمع إلى ضحايا التعذيب وعليها أن تستجيب لمطالبهم أقل القليل في حقهم، لابد أن تكون هناك إرادة حقيقية متبادلة لطي هذه الصفحة فلا يمكن لنا أن نؤسس للإصلاح السياسي من دون المصالحة الوطنية، نفسيات الكثير من المواطنين لايزال مطبوع عليها الصفحات السابقة ولا يمكن للزمن أن يمحو الكثير من صور البؤس والعذاب، فهناك من شرد وهناك من نفي وهناك من سُجن ومن عُذب ومن اُعتقل ومن ضُرب ومن ومن... ولا يمكن حصر ما تم التعرض له، كانت بحق أياما سوداء كسواد الليل الحالك لم يذق فيها طعم حلو إلا بعد ميثاق العمل الوطني الذي استقبله الناس بنفسية مختلفة غسلت ما غسلت فيه من الأحزان ولايزال الأمل مستمرا ويتجدد ويحتاج إلى ماء لريه.

وأخيرا علينا أن نستفيد من درس هجرة الطيور ولنعتبره درسا سياسيا واجتماعيا وعلميا فالطيور المهاجرة لا يهمها أبدا إذا ترك السرب أحدها في منتصف الطريق أو بدايته، وتصر على مواصلة السير لكي تصل لهدفها وغالبا ما تصل الجماعة لهدفها المنشود، من كل ذلك نستنج بأننا لسنا أصلا بحاجة إلى التغريد خارج السرب، وأن من يصر على ذلك علينا أن نتركه جانبا ونمضي في طريقنا بعيدا عنه، فليس هدفا من أهدافنا أن نقنعه بقدر الإصرار على تحقيق الأهداف التي وضعت قبل تنفيذ الهجرة، موضوع المصالحة الوطنية مشروع لضحايا أصحاب حق وعليهم أن يصروا على المطالب حتى تتحقق، ينعق من ينعق ويضج من يضج فالقافلة يجب أن تسير وما ضاع حق وراءه مطالب.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1756 - الأربعاء 27 يونيو 2007م الموافق 11 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً