بيئتنا تموت كل يوم بأيدي متنفذين وآخرين لا يهمهم وطن سواء خلت بحاره من الأسماك أو كثرت فيه، كما لا يهمهم أراضيه إن كان فيها زرع أو نخل، حتى ساءت الأمور إلى حال لا نحسد عليها ووضع لا يمكن السكوت عنه.

خليج توبلي ونفوق أسماكه... أسبابه وتفسيراته كلها معروفة وواضحة على السطح، إلا أن الجهات المعنية لم تهب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في خليج يحتضر مع كائناته المختلفة التي تمد أجسامنا بما فيها أجسام المتنفذين بالسمك على اعتبار أنه جزء لا يتجزأ من السلسلة الغذائية التي يعتمد عليها الإنسان البحريني في غذائه منذ القدم حتى اليوم.

لا يمكن أن نهضم حق الموئل لهذا الخليج وإلا فإننا قد نصدق ما يقال إن بيئتنا مسكينة مهضومة الحقوق حالها حال المواطن الذي يبحث عن حقوقه المهضومة، ولاسيما حقه في الحفاظ على بحره وعلى سمكه وعلى روبيانه وعلى نخله حتى لا تنقرض هوية البحريني التي كان يتباهى بها في زمان الأقدمين.

يكفي أن نذكر أنه عندما أراد أدباء البحرين في فترة من الفترات أن يقدموا إلى الشاعر أحمد شوقي هدية حينما تم تتويجه أميرا للشعراء لم يجدوا رمزا لهذا البلد الخالد، غير نخلة من ذهب أما الثمار فكانت من لؤلؤ البحرين.

ولنا أن نتصور كيف كان الوضع في السابق، نخيل باسقات وبحر غني بالثروات، ولكن ما هو موجود اليوم عبارة عن ردم عشوائي وجدران أسمنتية مبعثرة وزحف عمراني غير مدروس وسعي متواصل للقضاء على ملامح الريف البحريني وأشكاله، وكأن من المفترض على الريف أن يُلغى من الوجود لتصبح البحرين بذلك مدينة في كل أجزائها لا مدن وقرى تجمعها... وهو طبعا مفهوم خاطئ، فغالبية البلدان في العالم تجمع بين المدن والقرى بشكل طبيعي، على حين الحزام الأصفر أصبح يتخلل مناطقنا بدلا من الحزام الأخضر حتى تعززت صورة الأراضي القاحلة الجرداء ويروج البعض بأنها صحراء حقيقية وخصوصا عندما تعرف إلى من لا يعرف صورة البحرين في الماضي من السياح والأجانب!

المضحك المبكي في الأمر أن الجميع ملام في شأن تدمير بيئتنا بدءا من المسئول إلى المواطن، فالوعي بالمحافظة على بحرنا وعلى نخيلنا وعلى مساحتنا الخضراء... ثقافة للأسف مازالت معدومة ونتائج ذلك بدأت تنجلي أمام أعيننا من دون تحرك جاد.

بحرين النخلة واللؤلؤ والمزارع الغناء لم يبقَ لنا منها ما نتباهى به، وخصوصا بعد أن أصبحنا نستورد النخيل البلاستيكية والروبيان حتى السمك من الهند ودول الجوار!