عثر منظمو مهرجان أفلام المغامرة في مدينة ليل (شمال فرنسا) خلال تحضيرهم لتظاهرة خاصة بلبنان، على النسخة الوحيدة المتبقية من فيلم «الغريب الصغير» للمخرج اللبناني جورج نصر الذي شارك في مهرجان كان السينمائي في العام 1962.
ومن المقرر أن يقيم المهرجان بين 26 يونيو/ حزيران الجاري و1 يوليو/ تموز المقبل لقاء استثنائيا عن هذا الفيلم الذي لم يعرض أبدا في الصالات منذ أكثر من 40 عاما.
وقال مدير المهرجان دومينيك أولييه والمشرف على برمجة المهرجان فريديريك كوزان: «إن هذه النسخة التي هي عبارة عن شريط فيديو لم تخرج من خزانة السينما الفرنسية منذ تلك الفترة».
وفيلم «الغريب الصغير» الثاني لجورج نصر - الذي أنجز خلال مسيرته ثلاثة أفلام روائية فقط ونحو 20 فيلما وثائقيا - لقي في تلك الفترة استحسان النقاد في مهرجان كان السينمائي، وهو يروي قصة هروب فتى من بيته إلى عالم الراشدين في أجواء غامضة.
ولم يتح للفيلم في حينه أن يوزع في بيروت إذ لم تكن الصالات ترغب في عرضه في ظل شيوع موجة السينما التجارية. كما أن الفيلم لم يوزع في باريس؛ ما دفع المنتج ماريو عرقتنجي إلى حض المخرج على إضافة مشاهد ساخنة إلى القصة طمعا في تأمين توزيع الفيلم، من دون أن ينجح في ذلك ويبدو أن المخرج عارض الأمر منذ البداية.
واعتبر نصر في أحاديث صحافية أن إنتاج الفيلم في لبنان كان أمرا في غاية الصعوبة، وخصوصا أنه فشل في توزيع فيلمه الثاني في الصالات.
واليوم بعد العثور على النسخة الوحيدة من الفيلم أعاد المخرج عملية المونتاج وألغى المشاهد المقحمة على الفيلم الذي سيعرض في مدينة ليل في نسخته الأصلية.
وقال منظمو مهرجان ليل إنهم سيرسلون نسخة إلى لبنان ليتم حفظها في مؤسسة لبنان للسينما، مشيرين أيضا إلى أن الفيلم سيُعرض لاحقا في إحدى صالات بيروت.
وسيُعرض هذا الفيلم خلال مهرجان ليل في 28 يونيو الجاري خلال سهرة خاصة بجورج نصر بحضوره يتم خلالها أيضا تقديم فيلم «إلى أين؟» الذي كان الفيلم الأول لجورج نصر وأول فيلم لبناني يصل إلى مهرجان كان السينمائي في العام 1960.
وأتاح هذا الفيلم لفت انتباه العالم إلى أن هناك محاولات سينما بدأت تخرج من لبنان.
أما فيلم «الغريب الصغير» فيعد وثيقة صادقة عن المجتمع الريفي اللبناني في ذلك الحين ونال استحسان النقاد لمستواه الفني وجمالياته؛ إذ صوّر على طريقة سينما الواقعية الإيطالية الجدية في الخمسينات.
ويصوّر الفيلم رب أسرة ريفية متواضعة يهاجر طلبا للرزق ويغيب طويلا ليعود فيجد أن ابنه يستعد للهجرة مثله وهو لا يتعرف إليه حتى حين عودته.
ويقدم مهرجان ليل إلى جمهوره نحو 25 فيلما لبنانيا طويلا من مختلف مراحل هذه السينما وسيكون نحو 10 من المخرجين اللبنانيين حاضرين لإحياء الدورة الثالثة من هذا المهرجان الذي ينمو وأطلقت في هذه الدورة للمرة الأولى مسابقة للأفلام الطويلة.
وسيتيح المهرجان لجمهوره دخول ذاكرة لبنان عبر السينما وعبر عدد من الأفلام التي يقدمها إلى الجيل الجديد والجيل الذي سبق اندلاع الحرب.
وكان جورج نصر عاد إلى لبنان منتصف الخمسينات حيث كانت أفلام المغامرات والتجسس تسود المشهد إضافة إلى أفلام الكوميديا الموسيقية لتنتقل بعدها السينما اللبنانية لمواكبة الحرب.
ولد في طرابلس وأحب السينما في طفولته وشبابه حيث كان يواظب على حضور الأفلام ثم سافر بالباخرة إلى نيويورك حيث درس السينما ولكنه أراد بداية أن يكون ممثلا ثم فهم أهمية المخرج ودوره.
وأدخل الناقد والمؤرخ الفرنسي جورج سادول اسم جورج نصر في موسوعته عن السينما العالمية.
وأخرج نصر في السبعينات شريطه الثالث «المطلوب رجل واحد» وهو من إنتاج سوري ويدور حول موضوع الإقطاع والقبلية في قرية تائهة حيث يتلاعب رجل بمجتمعه على خلفية الصراع العربي - الإسرائيلي.
ويحتل نصر موقعا رياديا في السينما اللبنانية؛ لأنه ينتمي إلى الجيل الذي أسس سينما وطنية لم تكن موجودة آنذاك صناعة أو إنتاج أو تقليد وهو أول من تخرج من الولايات المتحدة في السينما وعاد ليطبق ما درسه في لبنان.
ويدرس جورج نصر منذ العام 1992 مادتي التمثيل والإخراج في إحدى الجامعات الخاصة في لبنان كما تولى رئاسة نقابة السينمائيين في لبنان عدة مرات واشتكى كثيرا من إهمال الدولة لهذه النقابة.
العدد 1756 - الأربعاء 27 يونيو 2007م الموافق 11 جمادى الآخرة 1428هـ