العدد 1756 - الأربعاء 27 يونيو 2007م الموافق 11 جمادى الآخرة 1428هـ

الرهان على الثقافة

بعيدا عن السياسة، كانت التجربة التونسية إبان عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في رهانها على الثقافة أنجع النماذج العربية على صعيد التنمية الإنسانية. تونس الخاوية من الموارد الطبيعية استطاعت ولوج العهد الحديث على يد نخبة ألقى بها بورقيبة في باريس لتمثل خيار التنمية الإنسانية الصحيح الذي أعطى تونس الكثير حتى اليوم.

بحرينيا، نحتاج في خضم التسارع التنموي إلى أن يكون لـ «الثقافي» نصيبٌ من «الحفل» الذي بات متسارعا إلى ذلك الحد الذي نسأل في تسارعه عن مكان «المثقف» وعن تنمية مواهبه وعن مستقبله؟ وما خلا مثقف «السلطة» الذي ينعم بالكثير في أي نموذج عربي، يبدو المثقف/ الفنان/ المبدع/ الشاعر البحريني المتفرغ للإبداع خارج حسابات الدولة مطلقا.

الذي لابد من التذكير به أن حال التهميش التي طالت ولاتزال تطول المبدعين البحرينيين من الرعيل الأول هي أهم أسباب هذا الانحسار في العملية الإبداعية في البحرين. أضيفوا إلى ذلك، أن المؤسسات الثقافية في البحرين تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى نماذج لملكيات/ مشروعات/ طموحات خاصة لا علاقة لها بالعملية الثقافية في جوهرها الإنساني أو الإبداعي على حد سواء.

الدولة التي لم تعطِ قاسم حداد وعبدالله السعداوي المكانة التي تليق بهما لن تكون الأمينة على الأسماء البحرينية الواعدة، وهي «الدولة» ذاتها التي ستبقى رهينة صناعة مثقف «السلطة» أما ما خرج عن نطاق «الدولة» فهو محاصر حتى إن كان السياسي برمته لا يمثل بالنسبة إليه «قشة»!

تشهد البحرين اليوم حركة ثقافية يحسدها الآخرون عليها، إلا أنها عملية حراك غير مكتملة الجوانب ولا تمثل مشروع «دولة» بل هي مرهونة بالطموحات الشخصية والمشروعات الفردية التي لا يمكن اعتبارها عملية استثمارية مستدامة في الثقافة وفق ما تقتضيه كلمة استثمار من معنى ودلالات.

العدد 1756 - الأربعاء 27 يونيو 2007م الموافق 11 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً