العدد 1756 - الأربعاء 27 يونيو 2007م الموافق 11 جمادى الآخرة 1428هـ

موسيقى إيقاعاتها «ألوان وكلمات»

للكلمة قوتها وتأثيرها على عقل وقلب السامع، إلا أن للون التأثير ذاته والتغيير ذاته في إحساسه ونمط تفكيره، وقد يكون للون القدرة على نقل الإنسان من حال الكآبة والحزن إلى حال الفرح، كما هي الحال في الكلمة والحكمة المكتوبة التي تحث الإنسان على التفاؤل والصبر، وتخرج قارئها من أي ضيق وحزن.

ممازجة هذين العنصرين جاءت بعد بحث ودراسة داما مدة عامين متتاليين، قام خلالهما الفنان البحريني عبدالجليل أحمد الراشد بتقديم مجموعة من اللوحات إلى جمهوره، والتي احتوت على عبارات وجدانية، امتزجت مع خلفياتها في إيقاع لوني متناغم، عكس من خلال تجانسه الإحساسَ الذي حوته الكلمة، التي اجتهد الراشد لتقديمها خلال معرِضه الثالث الذي افتتح أخيرا تحت مسمى «ألوان وكلمات».

تعليقه على هذه التجربة بدأ بالقول: «الألوان معروفة لدى الجميع، ولكن لكل لون أسرار كبيرة وتأثيرات نفسية، فهي تلعب دورا كبيرا في حياة الناس، كما هي الكلمات التي تحمل المعاني وتحمل في مكنوناتها الأمل، وتجربتي تتلخص في أنها محاولة كي أوضح للناس أن الألوان تغيّر كما هي الكلمات، وجاء ذلك من خلال تركيزي على العبارات ذات التأثير الروحي، من الأدعية والآيات القرآنية».

استعرض الفنان إحدى اللوحات التي حوت الآية القرآنية «وبشر الصابرين» (البقرة: 155) وعلق عليها بالقول: «حينما يتأمل هذا العبارة أي شخص، يبدو عليه التأثر والانفعال، فيبدو لمن يراه أن لديه مشكلة وهو يجاهد بصبر ضدها، أما ما قمت به، فقد أعطيت هذه اللوحة ألوانا مفرحة، وألوانا تعبّر عن الروح المستقبلية المستبشرة، مثل الألوان الحارة والباردة في نسيج الفرح الذي يصور البشرى».

كما زاد الراشد في شرح أسلوبه بالانتقال إلى لوحة أخرى، وظف فيها عبارة من دعاء كميل للإمام علي بن أبي طالب (ع)، وهي «اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء»، التي قدم عبرها عملا فنيا يؤثر في نفسية المهموم حينما يتأملها، إذ تنقل إليه إحساسا بالراحة من خلال الألوان المستخدمة، كما قدم لوحة حملت عبارة «اللهم عَظُمَ سلطانك» التي علق عليها بالقول: «هي عبارة عظيمة، وخصوصا للمظلومين حينما يتذكرون عظم سلطان الله».

وحين انتقالنا إلى نمط آخر من اللوحات وجدنا بعض اللوحات تحمل حروفا واحدا فقط؛ ما دعانا إلى سؤاله، فأجاب عن ذلك أنها «وسيلة لتعطي مشاعرَ مختلفة للمشاهد مرتبطة بشكل الحرف، كالراحة والتمدد لحرفي القاف والنون، والشموخ لحرف الألف على سبيل المثال».

«لا أدعي أني خطاط، إلا أني أشكل الخط والحرف والكلمة بحسب مضمونها وأربطها بمضمون اللون نفسه، وأخرجها للناس بمختلف العناصر الفنية المتاحة مثل الظل والنور والملمس».

على رغم ذلك، فإن الشك فيما لو كانت ألوان الخلفيات قادرة على إيصال الفكرة والإحساس إلى المشاهد كما يريد الفنان كان قائما، إذ الأبيض لدى شخص يعني خلاف ما يعنيه لشخص آخر، وكذلك بالنسبة إلى باقي الألوان، وعلق على ذلك قائلا: «إذا وضعت اللون كلون مسطح وبارد ولا يوجد فيه عمق، فسيعطي المشاهد ما يراه، ويعكس المشاهد صورته على اللون، فاللون الأسود عموما يرمز إلى الحزن ويتشاءم الناس منه، إلا أن بإمكاننا أن نخلق منه الحيوية والشعور بالحركة والديناميكية، وبالتالي سينعكس ذلك على المشاهد، من خلال استخدام الألوان المباشرة، بإضافة بعض التقنيات التي تحول الأسلوب إلى رسالة أكثر وضوحا، وأنا أسعى إلى إقناع المشاهدين أن حركة اللون هي التي تترك انطباعا وشعورا للمشاهد».

وبالعودة إلى العبارات التي استخدمها الراشد، نجد أنها كانت آيات قرآنية: «أنا ركزت على أن يكون الكلام مؤثرا في النفس، فاللون مؤثر، ويمكن أن تكون هناك عملية تكاملية بين الكلمة واللون، فإذا سمعنا حكمة، نجد أن الناس ينبهرون بها ويقتدون بها، وللون القدرة نفسها، فالناس تلبس هذا اللون وتدهن منازلها وغرفها المفضلة به، وتسوق سيارات تحمله، ويتفاءلون به ويقتدون به».

واختتم حديثه بالقول: «أتمنى أن ينال المعرِض استحسان الحضور، ويكون نقلة في حياتهم، كما كان نقلة في حياتي، في محاولتي للوصول إلى هذا التعايش».

العدد 1756 - الأربعاء 27 يونيو 2007م الموافق 11 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً