للبحر خلال أيام قليلة مضت (على رغم أنها قضية متداولة منذ زمن) حكاية ما برحت الصحف المحلية... تبدأ بقصص الردم لأجزاء كبيرة منه في مختلف المناطق، ثم قيام بعض المتنفذين بوضع يدهم على أجزاء أخرى منه (بحر المالكية)، وبعد ذلك تعرج على الحظور المخالفة (في المالكية أيضا)، ثم تعود من جديد إلى قصص الردم التي طالت بحر قرية صدد هذه المرة (يبدو أن هذا الفصل من الحكاية مستمر لا يقبل النفاذ)... ويستمر القدر في سطر فصول الحكاية التي كان آخرها نفوق الأسماك في عدد من السواحل القريبة من محطة توبلي للصرف الصحي بسبب الرمي بتلك المياه فيها!
تلك الفصول الأخيرة من سلسلة تبدأ بعلاقة الإنسان البحريني قديما بالبحر، تلك العلاقة التي مازالت قوية صامدة، تصارع أطماع «المتنفذين» لتبقي على حياتها... أحيانا تفلح، وفي الأخرى تكون كوخزة دبوس سرعان ما يخفت ألمها... واليوم الصراع يأخذ منحى آخر باتجاه التصدي لمن تسول له نفسه حط يده على مصدر رزق أو طعام يوم. قضية «نفوق الأسماك» لا تقف عند «كم كيلو سمك» خسرناه «وعلى الله العوض»، بل تتعدى ذلك إلى أنها محاربة للناس (وخصوصا الفقراء منهم) في مصدر رزقهم الذي يكون الوحيد، وبالتالي، فإن الضرر سيعود على أسر بكاملها (تعيش على الله وعلى ريع بيع السمك)، ومن ناحية أخرى، فهي تحيلنا إلى «الإهمال والتقصير» الذي لا يمكن وصفه إلا بالمتعمد، إذ لا أظن أن محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي بجاهلة عن الآثار التي ستنجم عن إلقائها لتلك المياه السامة في البحر! وإلا نحن بحاجة إلى خبراء ينقذونا من «الكارثة» التي وضعتنا فيها.
قبل مدة أيضا، انتشرت في الصحف أخبار عن بائعي أسماك يسوقون لـ «أسماك سامة»، فما أدرانا ألا يكون «نفوق الأسماك» أخيرا الفرصة التي تقدم على طبق من ذهب إلى أولئك ليبيعوها علينا، ونحن «يا غافلين لكم الله»؟!
قالوا عنه «غدّار»، وأرانا اليوم من يغدر به، والغريب أن نغدر بأنفسنا،... ويبقى كلانا (البحر والمواطن) على هذه الأرض ضحية «التنفذ» و»الإهمال» و»انعدام الضمير»، إضافة إلى «جهل» القائمين على أمور حياتنا اليومية ومصالحنا... ويبقى الفصل «الخيِّر» في سلسلة «البحر» الأليمة ينتظر «يد حق» لتخط نهايته السعيدة، فهل عدمت في البحرين؟
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1754 - الإثنين 25 يونيو 2007م الموافق 09 جمادى الآخرة 1428هـ