في السعودية، تبدو البلاد مقلوبة على عقب، سيل من المشروعات التطويرية والإنشائية في رفع مستوى البنى التحتية. ثمة مزاحمة بين المشروعات الحكومية نفسها. أدرك السعوديون فوارق نمو مدخولات النفط على الدولة، لامسوها، وعايشوها على الأرض. تتحرك عجلة النمو هنا وهناك بتسارع يجعلنا نتساءل في البحرين عما أفرزته زيادة مدخولات الدولة من النفط، وما إذا كان ثمة شيء قد تغيّر.
في السعودية، أثمر ارتفاع أسعار النفط إلى أن تنخفض أسعار وقود السيارات وهو ما أثر بالإيجاب على عدد من القطاعات الاقتصادية الأخرى وبما يشمل أسعار السلع الاستهلاكية.
في البحرين، أثمر ارتفاع أسعار النفط عبر زيادة أسعار السلع الاستهلاكية وزيادة معدل التضخم - السر الكبير حتى اليوم - وأخيرا، أثمر عن فكرة إبداعية خلاصتها الشروع في استقطاع جزء من رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص لدعم مشروع التأمين ضد التعطل.
مجملا، لا أميل إلى الدفع بمقارنة بين «السعودية» و«البحرين» باعتبار اختلاف البنى الاقتصادية والثروات الطبيعية بين البلدين، إلا أن ما يجب أن يكون ثابتا معلنا للجميع هو أن أي اقتصاد مهما كبر أو صغر لابدّ أن يتأثر بمجمل الزيادات في الواردات ما خلا أن تكون زيادات النفط قد ذهبت أدراج الرياح في مناطق يحرم السؤال فيها.
كويتيا، مد وجزر وشظايا تعصف بالجميع بسبب النفط (أزمة ناقلات النفط المعروفة)، يدرك الكويتيون أن «النفط» هو صمام أمان «الدولة» وأنه المورد الاقتصادي الذي لا بدّ من ضمان استثمار مدخولاته كافة فيما يعود بالخير على الجميع. لذلك فقط، هرع النواب الكويتيون إلى استعمال شتى وسائل الضغط البرلمانية لحماية النفط ومستقبل النفط، ولم يكتفوا بذلك حتى اليوم.
بحرينيا، كان الاقتصاديون البحرينيون يكتبون لنا أن البحرين ليست في هيكلها الاقتصادي دولة «نفطية»، وأن إيرادات الدولة لا تعتمد على مدخولات النفط الذي يكاد ينضب. لكننا لاحظنا مع نشر تقرير حسابات الدولة الختامية الذي نشر قبل أسابيع، لاحظنا أننا دولة يمثل النفط أكثر من 60 في المئة من مدخولاتها فعن أية دولة «غير نفطية» كان أولئك القوم يتحدثون؟
أين الحديث عن مؤسسات المال التي ستدعم الاقتصاد الوطني؟، أين عوائد الاستثمارات على شواطئ البحرين؟، أين؟، أين؟، وأين. تبدو «التنمية» سرية وسحرية في هذه البلاد التي مازالت تعتمد على «النفط» حد أن لا تجوع في مقابل أراضيها التي تفقدها الواحدة تلو الأخرى على مشروعات «الاستثمار» التي سينعم البحرينيون بخيرها في العام الذي ينقرضون فيه جوعا.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1753 - الأحد 24 يونيو 2007م الموافق 08 جمادى الآخرة 1428هـ