الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الصين لرفع قيمة عملتها الوطنية ربما لا تخدم الاقتصاد الأميركي ومعه العالمي على حد سواء، يشار إلى أن الصين تتعرض لضغوط من إدارة الرئيس جورج بوش لرفع قيمة عملتها (آر إم بي والاسم الآخر للعملة هو الياون). تبلغ قيمة العملة الصينية نحو 8 من (الياون) لشراء دولار أميركي واحد.
يكمن سر ضغوط واشنطن على بكين في مسألة العجز التجاري إذ إن الصين مسئولة عن نحو ربع العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة، فقد بلغ حجم العجز التجاري الأميركي مع الصين وحدها 232 مليار دولار في العام 2006. وعليه لا توجد غرابة لتعرض الصين لضغوط شديدة لرفع قيمة عملتها الأمر الذي سيفسح المجال أمام تعزيز الصادرات الأميركية للمارد الآسيوي.
يحافظ الميزان التجاري الصيني على فائض تجاري ملحوظ وذلك نظرا إلى الطلب العالمي على السلع الصينية. فاستنادا إلى آخر الإحصاءات المتوافرة, تبلغ قيمة الصادرات الصينية 752 مليار دولار وتتركز على المعدات والأجهزة الإليكترونية والأقمشة والملابس الجاهزة وألعاب الأطفال متجهة بالدرجة الأولى إلى أميركا واليابان وألمانيا.
وتقدر الواردات بـ632 مليار دولار وتشتمل على المعدات والمنتجات النفطية والحديد الصلب والمواد الخام لتصنيع السلع لأغراض التصدير قادمة من أميركا وكوريا الجنوبية واليابان.
أسعار في متناول الجميع
بيدَ أن مؤسسة «الايكونومست» البريطانية ترى أن من الخطأ حث الصين على تغيير (أو رفع) قيمة عملتها، ومرد ذلك أن الصادرات الصينية الرخيصة نسبيا تساعد أميركا في توفير مستوى من المعيشة لقطاع كبير من ذوي الدخل المحدود. بمعنى آخر, تمنح السلع الصينية الرخيصة نسبيا المواطن الأميركي فرصة شراء الكثير من السلع والمنتجات الاستهلاكية خصوصا وبأسعار زهيدة نسبيا.
ولاحظنا أثناء الزيارة الأخيرة للولايات المتحدة أن أسعار السلع الصينية في متناول الجميع. على سبيل المثال, بمقدور الفرد في أميركا شراء زوجين من الحذاء من النوع الرخيص بقيمة 4 دنانير. والحال نفسه ينطبق على الكثير من أنواع الملابس.
بدورها تعمل الصين على مجاراة الولايات المتحدة وعدم إثارة غضبها لسبب جوهري وهو أهمية الاقتصاد الأميركي بالنسبة إلى ديمومة الاقتصاد الصيني، بل تتحاشى بكين إغضاب واشنطن في مختلف المحافل لغرض المحافظة على السوق الأميركية الضخمة التي بدورها تعد أهم سوق بالنسبة إلى الصادرات الصينية.
تمويل العجز الأميركي
من جهة أخرى, تعتبر الصين مصدرا مهما فيما يخص تمويل العجز العام للولايات المتحدة. تستخدم الصين جانبا كبيرا من الفائض في الحساب التجاري مع الولايات المتحدة في شراء أذونات خزانة والمستندات التي تصدرها الحكومة الأميركية، وتساعد هذه الأموال في احتفاظ أميركا بمصدر تمويل مضمون الأمر الذي يساعد في الاحتفاظ بأسعار الفائدة متدنية نسبيا. باختصار ربما يكون الاقتصاد العالمي في أفضل حال مع استمرار احتفاظ الصين بسعر متدن لعملتها وذلك في ضوء الأهمية النسبية الكبيرة للمنتجات الصينية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي. مجموعة «الايكونومست» ترى أنه ليس من صالح الولايات المتحدة الضغط باتجاه رفع قيمة العملة الصينية لغرض تقليص حجم العجز التجاري, إذ قد يؤدي الأمر إلى رفع معدلات التضخم في الاقتصاد الأميركي. كما أن من شأن رفع قيمة «اليوان» حرمان الولايات المتحدة من مصدر حيوي لتمويل العجز في الموازنة العامة. وعليه فإن الاقتصاد العالمي ربما يكون أحسن حالا مع قيمة متدنية للعملة الصينية.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1753 - الأحد 24 يونيو 2007م الموافق 08 جمادى الآخرة 1428هـ