مهما كتبنا... ومهما قلنا... عن نازك الملائكة فلن نستطيع أن نوفي حقها من التعبير وهي التي وافتها المنية في وقت عصيب يمر به العراق الذي ذهب فيه البعض إلى ممارسات تجرد الإنسانية بل وتساهم في تشريع جرائم تنبذها وتنهيها جميع الأديان وقوانين حقوق الإنسان.
لا يمكن للمشاهد التي شاهدها منذ مساء الثلثاء الماضي ملايين البشر من شتى الأجناس والأعراق وفطرت قلوبهم من شدة قسوتها أن تتجاهل ما حلّ على أطفال مشكلتهم أنهم لا يقدرون الدفاع عن أنفسهم، فكان لإعاقتهم ويتمهم مكان للاذلال ولتكبيل الأيدي الصغيرة التي هزلت من شدة الجوع والوهن بل ولم يصل الأمر عند هذا الحد بل تركوا عراة يتعرضون للاعتداء الجنسي من وقت لآخر يكافأون مثل الحيوانات بقطعة صغيرة إن تجاوبوا.
فجعني موتك -يا نازك- كما فجعني قتل براءة وإنسانية هؤلاء الأطفال الذين لم تمر على واقعة اكتشافهم سوى يومين من واقعة ما كشفه المحتل الأميركي الذي هو الآخر لم يتحمل حجم هذه الممارسات التي غلبت ما جاء من فضيحة سجن «أبوغريب» بينما بعض الفضائيات العربية التي أثارث هجمتها على ممارسات المحتل داخل «أبوغريب» لم تفعل الشيء نفسه في تغطيتها مع دار «الحنان» من ممارسات بعض العراقيين التي لا يمكن وصفها حتى في أسطر هذا المقال.
لن نقف عند هذا الحد بل حتى تصريحات مسئولي حكومة نوري المالكي جاءت ضعيفة’ لا مسئولة وكأن هؤلاء الأطفال كومة من القمامة وعبء لا يكترث بهم ولا بإنسانيتهم... لأنهم ببساطة من دون أب وأم ومن دون أحد يحنّ عليهم أو يسأل عنهم في زحام معارك الدم والإرهاب والعبثية...
لقد رحل أكثر عشاق وعظماء العراق من الجواهري والبياتي والحيدري قبل أن يروا ما رأت عيونك يا عاشقة ليل العراق الطويل الذي أحببتيه كما أحببناه بعيون دامعة قبل أن تفارقيه ؛لأنك كنت أنت ما تبقى من زمن العراق الجميل وصورته التي عرفناها من آبائنا وأجدادنا... فألف رحمة على نازك.. ابنة الزمن الجميل وعميدة الشعر الحر في العالم العربي.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1752 - السبت 23 يونيو 2007م الموافق 07 جمادى الآخرة 1428هـ