الورشة التي بدأت أمس بشأن «العدالة الانتقالية» تعتبر مهمة بالنسبة إلى البحرينيين... فالبحرين، ومنذ البدء بمشروع جلالة الملك الإصلاحي في مطلع 2001 دأبت فعاليات بحرينية على الاحتفال السنوي باليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب في 27 يونيو/ حزيران من كل عام. ولكن المناسبة تحوّلت إلى احتفال للذكرى من دون برنامج عملي متفق عليه بين مختلف الأطراف، ولذلك فإن الورشة تهدف إلى اقتراح خطة للعدالة الانتقالية في البحرين تعتبر خطوة إيجابية، ولكنها بحاجة إلى توافق أيضا.
هناك عدة آراء في البحرين، أحدها يقول إن المصالحة «تمت وانتهت» في فبراير/ شباط 2001، وإن الإفراج عن الموقوفين والمحكومين وعودة المبعدين، ومن ثم منع محاكمة المسئولين المتهمين بقضايا تتعلق بحقوق الإنسان، كل ذلك يعني بأن المصالحة قد تمت وانتهت. أصحاب هذا الرأي يضيفون، أنه في حال فتحت محاسبة المسئولين السابقين عن قضايا حقوقية، فإن ذلك يتطلب أيضا فتح ملفات الذين اتهموا أثناء انتفاضة التسعينات بأعمال تخريب. تتفرع عن هذا الرأي وجهة نظر تقول إنه يجب التعويض عن مباني وممتلكات الذين تضرروا من الحوادث في قضايا اتهمت فيها أطراف من عامة الناس، ووجهة النظر هذه كادت تنطلق برلمانيا قبل فترة، ولكن ما حدث من ملاسنات بين النواب منع تقدمها سلبا أو إيجابا.
رأي آخر يقول إن المصالحة لها جانب معنوي وآخر مادي، والمعنوي يرتبط بكرامة الإنسان، إذ إن هناك أناسا تعرضوا للتعذيب، وآخرين تعرضوا لإيذاء وعقوبات جماعية، وكلها مدانة من التشريعات الدولية لحقوق الإنسان التي أقرها ميثاق العمل الوطني... وإن المصالحة تفترض الاعتذار على الأقل، والتعويض في الحالات الواضحة، إذ وقع الظلم على مجموعات غير قليلة من الناس. وأصحاب هذا الرأي يعتمدون على فكرة أن التعذيب ليس له ما يبرره على الإطلاق، وأن إهانة كرامة الإنسان غير مقبولة في أي مجتمع متحضر، وأن المجتمع الذي يودّ طيَّ صفحة الماضي لابد أن يتوقف قليلا ليقول كلمته بشأن تلك التجاوزات ويدينها أو يعتذر عنها، ومن ثم تنطلق الحياة إلى الأمام. هذا الرأي لا ينفي الحاجة أيضا إلى إدانة أعمال العنف من أي جهة كانت، سواء كانت حكومية أو أهلية.
هناك حاليا تجارب ناجحة عدة، وأحد تلك التجارب من بلد عربي، وهو المغرب، ونستطيع أن نطور أي تجربة لملاءمة بيئتنا الخاصة، ولكن ما هو غير متوقع هو أن تقول وزيرة التنمية الاجتماعية إن هذه مفاهيم مستوردة، ذلك أن جميع مفاهيم «التنمية الاجتماعية» أيضا مستوردة بما في ذلك «بنك الفقراء» الذي استوردته الوزيرة من بنغلاديش. فالاستيراد ليس عيبا، وإلا فإن الوزارة يجب غلقها لأنها أيضا مستوردة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1752 - السبت 23 يونيو 2007م الموافق 07 جمادى الآخرة 1428هـ