كانت أكثر فقرات ورشة «الحقيقة والإنصاف والمصالحة الوطنية» التي عقدت في جمعية وعد أمس تأثيرا على الحضور هي الفقرة التي عرضت فيها الشهادات الحية لضحايا التعذيب، الذين اختار منظمو الورشة عينة من كل منهم ليتحدثوا عن كل ما تعرضوا له من تعذيب بأنفسهم.
بدأت الفقرة بالسيد علوي السيد حسن، كهل في الخمسين من عمره يبدو أكبر من عمره بعشرين سنة على الأقل، أخذ وقتا طويلا حتى استطاع ابن أخيه محمد رضا النشيط أن يقوده بمساعدة كثير من الحضور إلى منصة الورشة. لم تكن بداية حياة السيد علوي التي تطوع ابن أخيه بروايته عنه مبشرة بنهايتها، إذ ولد لأب مزارع، وعمل في شركة بابكو لمدة سنتين فابتعث للدراسة في بريطانيا إذ نال الدبلوما في الكيمياء من هناك، بعدها انتقل للعمل في شركة بتلكو براتب مغر في منصب وصل فيه أقرانه إلى مناصب عليا الآن، حتى تم اعتقاله في العام 1981 ولم يعرف عنه أهله شيئا لمدة ستة شهور. عانى شتى أنواع التعذيب أثناء فترة سجنه من تعليق في العراء وسكب الماء الحار على جسده.
كانت أول مقابلة له مع عائلته التي عانت الأمرين بعد خمس سنوات من توقيفه اذ شعرت ابنته أن والدها كبر عشرين سنة. خرج السيد علوي بعد 12 عاما ونصف من الاعتقال واضطر للعمل في أعمال بسيطة لإعالة أسرته، حتى أجبر على التقاعد.
ولم تكن قصة السيد علوي أكثر تأثيرا من قصة إيمان شويطر زوجة الشهيد هاشم العلوي التي اعتقل زوجها في أحد الأيام ولم تعرف ما جرى له حتى اليوم مخلفا لها ولدين تتألم يوميا كلما تراهما يكبران بدونه.
ولا أقل من حزن فاطمة علي أحمد طالبة الثانوية التي لم يحصل والدها على الجواز البحريني على رغم حصول أعمامها عليه، والتي تتخوف من المستقبل الذي يبدو أمامها مظلما لو تخرجت من الثانوية - حتى بامتياز- مع عدم قدرة أسرتها على دفع مصاريف الجامعة. وتشابهها أيضا قصة أحمد مهدي الذي استمر اعتقاله أكثر من سبع سنوات بعد أن هوجم منزله في العام 1976 من قبل رجال الأمن الذين لم يدخروا جهدا من سب وشتم كل أفراد أسرته، قبل أن يتم اعتقاله في السجون التي تنقل فيها معرضا في كل مرة للعذاب في غرف التعذيب.
عباس عواجي أيضا كان من ضمن المتحدثين عن معاناته في المعتقل بعد اعتقاله «تعسفيا» ورفاقه في العام 1975 والذي خرج منه بعد ست سنوات من المعاناة التي قال انها استمرت حتى بعد خروجه مع الملاحقة والمراقبة المستمرة لمدة خمس سنوات، ناهيك عن عدم قدرته على الحصول على عمل نتيجة هذه التجربة.
تجارب الضحايا التي عرضت في الورشة كانت مصحوبة بدموع عدد كبير من الحضور الذين لمسوا عن قرب ما عانته أو تعانيه كل ضحية على حدة.
العدد 1752 - السبت 23 يونيو 2007م الموافق 07 جمادى الآخرة 1428هـ