العدد 1751 - الجمعة 22 يونيو 2007م الموافق 06 جمادى الآخرة 1428هـ

العطاء عندما يكون منتجا

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

«كثير من الشواهد تدل على أن المجتمع البحريني مجتمع طيب وكريم الخلق، يمكنك أن تسأل أي زائر يزور البحرين أو يقيم فيها ليؤكد لك هذا الأمر. وعلى رغم من أن كثيرا من الضغوطات التي يعانيها البحرينيون، لم يمنعهم ذلك في أي وقت من الابتسام، ولم ينف ذلك منهم الطيبة وكرم الخلق، والعطاء. هذا ما استشفته أيضا خبيرة من الأمم المتحدة تزور البحرين حاليا لتدرس وضع الفقر لدى الأسر، والفقر الواقع على المرأة تحديدا في هذه الأسر. فقد أثارها بالفعل ذلك العدد الكبير من الجمعيات والصناديق الخيرية التي تطوعت لمساعدة الأسر المحتاجة،من دون تنظيم « رسمي» أو تدخل من الدولة. حتى أن ما تقوم به تلك الجمعيات والصناديق المتناثرة كثيرا ما يفوق في تأثيره العمل الرسمي المنظم. هذا العمل الذي ترجمته الجمعيات النسائية في صورة مشروعات موجهة لتلك الأسر المحتاجة ، وتحديدا النساء في تلك الأسر، اتخذ صورة «نادرة» لا تتكرر كثيرا في المجتمعات العربية، وهو ما يؤكد الفكرة الأولى التي تقول أن هذا المجتمع مجبول على العطاء والمحبة والطيبة. في جلسة حوارية - قلما تتكرر- عقدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة ناقش ممثلو كثير من الجمعيات النسائية والصناديق الخيرية الأسبوع الماضي على طاولة واحدة أساليب عملهم والمشكلات التي يواجهونها، ولعل أهم ما يمكن استخلاصه من ذلك اللقاء هو عدم وجود قاعدة بيانات أو معلومات موحدة بين كل تلك الجهات الخيرية التطوعية، فلا كيان حقيقي يجمعهم، ولا مظلة يحتمون جميعا بها. وعلى رغم من تقدير جهود كل تلك الجهات النوعية، لا يخفى القصور الكبير الناتج عن تنافسها أو عدم قدرتها على الحوار أو الاتحاد. فلكل جهة منها أجندة عمل ومشروعات خاصة، ولكل جهة فيها طريقة وأسلوب في الوصول إلى الهدف الذي يعتبر إجمالا ... واحدا. ذلك اللقاء عبر بما لا يدع مجالا للشك عن حاجة ماسة لاجتماع كل هذه الجهات كثيرا لكي تعتاد على الحوار، وعلى مناقشة مشكلاتها التي تنبع من التعامل مع مجتمع واحد على رغم اختلافاته.

ولعل وجود قاعدة بيانات مشتركة ومعتمدة بين كل تلك الجهات عن الأسر المحتاجة بالفعل وما تتلقاه من إعانات يعتبر أمرا ملحا، فالمساعدات على رغم كم الخير والبركة فيها لا يمكن أن تسير « بالبركة»، أو تتخذ طريقا عشوائيا في وصولها إلى تلك الأسر، وإلا استفاد منها الطامعون. ولا أدل على ذلك من قصة تلك السيدة التي تتلقى إعانات شهرية من مجموعة كبيرة من الصناديق الخيرية في وقت واحد، بمبلغ شهري وصل إلى نحو 600 دينار وتستمر في طلب الإعانات، ولم يتم اكتشافها إلا عندما اتجهت إلى وزارة العمل لتقدم طلبا لإحضار خادمة خاصة لمنزلها! ولعل قاعدة البيانات المرجوة لو كانت متوافرة لما استغفلت هذه السيدة وغيرها جهات الإحسان في هذا البلد الكريم، إذ ستعرف كل جهة كم المساعدات التي منحتها ولمن بالضبط، وهل بالفعل يستحق الفرد الإعانة أم لا. ولعل قاعدة البيانات المتخصصة تلك تقود إلى أسلوب جديد ومتطور لإدارة العمل الخيري والتطوعي في البحرين، يخرج عن أسلوب العمل التقليدي عبر جمع التبرعات ومنحها لمستحقيها، أو إقامة مشروعات الأسر المنتجة، ليتجه بأسلوب اقتصادي متميز نحو استثمار القطاع الخاص في هذه المشروعات، وجعلها رافدا رئيسيا من روافد الإنتاج في المجتمع. فلا يعيب العمل التطوعي أن يفكر في الأرباح إن كانت ستعود بالنفع على مستحقين فعليين. ولا يعيب العطاء أن يكون منتجا.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1751 - الجمعة 22 يونيو 2007م الموافق 06 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً