العدد 1751 - الجمعة 22 يونيو 2007م الموافق 06 جمادى الآخرة 1428هـ

العدالة الانتقالية واجتياز قنطرة الأحزان!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تنظم الجمعيةالبحرينية لحقوق الإنسان اليوم (السبت) ورشة العدالةالانتقالية، في جمعيةوعد،وسيحضرهاممثلون عن حقوق الإنسان في الداخل والخارج، لمناقشة واحد من الموضوعات الحساسة المعلّقة في البحرين.

في السنوات السابقة، جرت عدة محاولات لحلحلة الموضوع، ولكنها ارتطمت بحائط صدٍ سميك شارك فيه عدد من الأسماء المعروفة، والتي باتت محسوبة على جمعيات «الغونغو»، وهي أسماء لا يهمها سلامة الوطن ولا استقراره.

في الأيام الأخيرة تحركت بعض هذه الأطراف للتصدي لطرح الموضوع، بتبريرات مختلفة، من أجل التشويش على مناقشة قضية وطنية حساسة ظلت معلقة من دون حل، وتحتاج إلى شجاعة أدبية وسياسية كبيرة لتجاوزها في جو من الانفتاح والصراحة والشفافية، وليس الإصرار على عدم وجودها.

إحدى عوائق النقاش في السنوات السابقة، هو أن حوادث التسعينات لم تقتصر أضرارها على الجانب الشعبي، بل لحقت بأطراف حكومية، وبالتالي يحتاج الأمر إلى تعويض، وهو ما نظر إليه الجانب الشعبي حينها على انه مماحكة ليس إلاّ. اليوم، أعتقد أن الظروف قد نضجت، من الجانبين الشعبي والرسمي.

فالجانب الشعبي وصل إلى قناعة بمناقشة الملف كحزمة متكاملة، وقبل بمبدأ تعويض المتضررين من الجانبين، وهو ما أزاح عقبة كأداء في طريق معالجة الملف الشائك. أما الجانب الرسمي، فهناك مؤشرات أولية على وجود رغبة بتجاوز هذا الملف وطيّه إلى الأبد، بينما صدرت في اللحظة الأخيرة مؤشرات أخرى توحي باستمرار المراوحة في المربع السابق ذاته، وإن كنا نميل إلى ترجيح الخيار الأول دعما لروح التفاؤل والوصول إلى معالجة واقعية للمشكلة.

وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي في تصريحها الأخير، كرّست الجانب المتشائم، ولم تأت بجديد حين كرّرت المقولات التقليدية التي سمعناها ومللناها فيما مضى من سنوات، وهو موقفٌ نتمنى ألا تصر عليه في كلمتها التي سنسمعها صباح اليوم مع افتتاح «ورشة العدالة الانتقالية»، لأن الإصرار عليه يكشف عن عدم وجود رغبةٍ في تجاوز الملف وطيه للأبد. فهناك أضرارٌ طالت آلاف المواطنين، ممن دفعوا ثمن المشاركة في المطالبة بالإصلاح وعودة الحياة البرلمانية، وهو ما ينعم به الجميع الآن، حتى من وقفوا ضد الحركة الشعبية آنذاك، في عز سطوة قانون «أمن الدولة». البعض دفع الثمن سجنا؛ وبعضهم هجرة طوعية أو منفى قسريا؛ وبعضهم ملاحقة وتضييقا في الأرزاق... حتى جاء عهد الانفتاح السياسي وطرح مشروع الإصلاح، الذي شكل انفراجة كبيرة في الوضع السياسي. وهو أمر إيجابي ينبغي البناء عليه لا الجمود والتوقف عنده. فإذا أردنا إشاعة الشعور بالإنصاف بين المواطنين، وتكريس العدالة وسيادة القانون، فلابد من أن نبدأ بإزالة مشاعر الغبن والتظلم من قلوب آلاف المواطنين. وهو ما لا يمكن حدوثه بالتغني بمنجزاتنا الحالية، والتي ستكون حتما أجمل وأفضل حين نقر بمبدأ إنصاف المواطنين ونتخذ الخطوات العملية الشجاعة لجبر الضرر.

ليس من مصلحة البحرين وطنا، أن يستمر إهمال معالجة هذا الملف وبقائه معلقا ليعاد تسخينه كل سنة، وهو ملف إنساني الطابع، لا يقبل المساومات السياسية أو المماحكات والمجادلات، وحقيقٌ بالبحرين أن تنهيه لتضمن اجتياز مرحلة العدالة الانتقالية، وجبر الضرر والمسح على قلوب آلاف المواطنين المتضرّرين، التزاما بقناعاتٍ تنبع من الداخل، لا أن يفرضها عليناالخارج، وتلك هي الشجاعة الحقيقية في معالجة الملفات العالقة.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1751 - الجمعة 22 يونيو 2007م الموافق 06 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً