العدد 1751 - الجمعة 22 يونيو 2007م الموافق 06 جمادى الآخرة 1428هـ

واقع رعاية المسنين

فوزية مطر comments [at] alwasatnews.com

وضع عبدالرزاق أبيض الحضور أمام حقائق مبهرة مفرحة تتعلق برعاية المسنين في المجتمعات المتقدمة ومؤسفة محبطة تتعلق بالمجال ذاته في مجتمعاتنا العربية.

المتخصص اللبناني العالمي في طب الشيخوخة ورئيس أكاديمية الشرق الأوسط لطب الشيخوخة عبدالرزاق أبيض أدار منذ أسبوعين ورشة عمل نظمتها جمعية تنمية المرأة البحرينية عن إعداد الإطار العام لحقيبة العرفان التدريبية في إطار استعداد الجمعية لإنشاء مركز متخصص لإعداد الكوادر الوطنية المدربة لرعاية كبار السن في بيوتهم أو في دور رعاية المسنين الحكومية والخاصة. ومشروع مركز العرفان للرعاية الوالدية هو المشروع الذي فازت به الجمعية بأكبر منحة قدمتها وزارة التنمية الاجتماعية لمشروعات المنظمات الأهلية العام 2006.

عبدالرزاق أبيض أورد بعض الاحصاءات وبعض الوقائع عن واقع المسنين ومستويات رعايتهم في عالم اليوم، وذكر أنه بفضل التطور الطبي والخدماتي الذي شهدته دول العالم خلال العقدين الأخيرين أصبح بإمكان البشر أن يعيشوا بمعدل عشرين عاما أكثر من قبل. وذكر أننا نعيش عصرا يتميز بأكبر عدد من المسنين، وأن المسنين في عمر الخامسة والثمانين يتزايدون اليوم بشكل كبير على مستوى العالم أجمع. وذكر أن قارة آسيا تتوافر على أكبر عدد من البشر من عمر الخامسة والستين فما فوق. وعن الدول قال إن اليابان تحتضن أكبر عدد من المسنين بين دول العالم تليها الولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، إيطاليا، الدنمارك والصين.

وعلل أبيض التطور الذي حققته الكثير من دول العالم المتقدم في مجال رعاية المسنين بأن هذه الدول قد أتيح لها الوقت الكافي لتطوير خدماتها للمسنين. فقد كانت دولا سباقة في تأسيس بنية مجتمعاتها التحتية والحضارية والاقتصادية قبل أن تحدث الطفرات في الزيادة السكانية. كما أتاحت لها ظروفها التاريخية أن تأخذ وقتها في التضاعف السكاني بعدما ألمّ بها من تخلخل سكاني ناتج عمّا مرت به من حروب. وقد قطعت الدول المتقدمة أشواطا بعيدة في رعاية المسنين وحقق كثير منها مستويات متقدمة جدا في طب الشيخوخة وتوفر الاختصاصيين وتطور تأهيل وتدريب الكوادر المنوطة برعاية المسنين. على رغم ذلك يؤكد أبيض أن قلة عدد المهتمين - مجتمعيا - برعاية كبار السن مقارنة بالتزايد المتنامي في أعداد المسنين ظاهرة عالمية تعاني منها جميع دول العالم، كما أن تفوُّق نسبة النساء بين المهتمين برعاية المسنين أيضا ظاهرة عالمية عموما.

وخلال حديثه عرض أبيض على حضور الورشة شرائح صور تظهر مؤسسات ومنشآت لرعاية المسنين تضاهي خدماتها ما تقدمه المنتجعات السياحية من فئة الخمس نجوم. وأطلع الحضور على بعض مراكز رعاية المسنين التي يبلغ عمر أصغر نزلائها الخامسة والتسعين عاما. وذكر أن الاهتمام العالمي في مجال رعاية المسنين يتجه اليوم لتأكيد الجوانب الآتية:

- أن يظل المسن نشيطا يسهم بالعمل ويشارك في الحياة أطول فترة عمرية ممكنة حتى وان بلغ الخامسة والتسعين من العمر.

- أن يتمكن المسن من العيش مستقلا عن مساعدة الآخرين أطول فترة عمرية ممكنة.

- أن لا يكون التوجه الأساسي في خدمات المسنين إنشاء دور الإيواء بقدر ما هو الاهتمام بإبقاء المسن في بيته وبين عائلته.

وعلى مستوى العالم العربي أوضح أبيض أن بعض الحكومات العربية تهمل العناية بهذه الفئة العمرية من المواطنين وأن الخدمات المقدمة للمسنين لا تتلاءم مع الزيادة السكانية في منطقتنا العربية. وما يزيد الأمور صعوبة أن الدول العربية أصبحت لا تملك الوقت الكافي لتطوير خدمات المسنين أمام التضاعف السكاني الكبير في المنطقة والزيادة الكبيرة في أعداد المسنين خلال العقدين الأخيرين. وقال إن معظم شعوب الخليج أصبحت في عداد الشعوب المعمرة بالمنطقة العربية، في الوقت الذي أصبحت الولادات المتوقعة فيها كبيرة جدا. وعموما لا توجد في البلدان العربية استراتيجيات على مستوى الدولة للعناية بالمسنين حتى في الدول الأكثر تطورا في هذا المجال. وأوضح، هناك نقص كبير في الاستعدادات لتقديم خدمات للمسنين. كما أن دول المنطقة العربية تفتقر للخبرات المتخصصة في مجال طب الشيخوخة ولا يتوافر كامل الوطن العربي سوى على 15طبيبا مختصا في هذا المجال. وهناك نقص أكبر في الطاقم التمريضي المؤهل لخدمة المسنين، هذا إلى جانب النقص الملحوظ في أعداد العاملين اجتماعيا في مجال تقديم هذا النوع من الخدمات.

وبيّن أننا في المنطقة العربية غير جاهزين للعناية بالمسنين في كثير من الجوانب كالخدمات الرسمية المقدمة من الدولة ومجالات التدريب والتعليم والاختصاص. ففي المنطقة العربية لا توجد جامعة تتوافر على تخصصات وبرامج تعليم معنية بكبار السن ورعايتهم، وكليات الطب في المنطقة العربية ليس لديها برامج لتمريض كبار السن. أما الدولة الوحيدة في المشرق العربي التي تتضمن مناهجها مقررات دراسية عن رعاية المسنين فهي «إسرائيل» التي تُدرِّس أطفالها منذ المرحلة الابتدائية مقررات العناية بالمسنين. وعلى الصعيد الأهلي يفتقر العالم العربي لجمعيات تركز على العناية بهذا الجانب، كما يفتقر للّجان والمجموعات التي يشكلها الناشطون الاجتماعيون لتقديم خدمات ودعم نفسي للمسنين في الوقت الذي تنتشر هذه اللجان والمجموعات على نطاق واسع في «إسرائيل».

وتحدث عبدالرزاق أبيض عن بعض التجارب العربية في هذا المجال فذكر أن لبنان وتونس تتوافران على خدمات متقدمة نسبيا مقارنة بغيرهما من الدول العربية، ففي لبنان - مثلا - أكاديمية متخصصة وبيوت طبية وبعض الخدمات في هذا المجال. لكن ما يعانيه لبنان حاليا أن كثيرا من أبنائه يتركون وطنهم للعمل والإقامة في الخارج ويبقى ذووهم من كبار السن في لبنان وتكتظ بالعاجزين منهم دور المسنين المدرج على قوائم انتظار الإيداع بها أعداد ضخمة وكبيرة جدا من المسنين. وأضاف أن الدولة اللبنانية لا تغطي خدمات المسنين في المنازل وتقتصر على خدمات المستشفيات ودور المسنين. وعلى المستوى الخليجي أوضح أبيض أن مملكة البحرين تعتبر الدولة الخليجية الأكثر تطورا في خدمات المسنين خصوصا في جهتي توافر بعض المتخصصين وفي توافر خدمات رعاية المسنين في المنازل. وتلي البحرين دولة الكويت التي تقتصر فيها رعاية المسنين وإيوائهم على المستشفيات.

مشروع «مركز العرفان للرعاية الوالدية» الذي دشنته جمعية تنمية المرأة البحرينية بالورشة المذكورة هو خطوة طموحة ورائدة في مجال سد النقص الكبير في خدمات رعاية المسنين... ولنا عن هذا المشروع حديث قادم.

إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"

العدد 1751 - الجمعة 22 يونيو 2007م الموافق 06 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً