ثورة الغناء أو الإنشاد مطلوبة... إنها بديل أكثر حضارية وتأثيرا من صيحات الحناجر الغاضبة في التظاهرات. وهي بالتأكيد أكثر إنسانية من الاشتباك مع الشرطة وتخريب المنشآت العامة!
الغناء يجعل العالم أكثر حميمية، ويجعل الكون أصغر وأجمل. وهو بالتأكيد أكثر تأثيرا من العنف والزعيق! ووفقا لما يحدث في عالمنا العربي من صراعات ومآس، طبعا بالإضافة إلى الانتصارات التي حققتها المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله في جنوب لبنان، نجد أنفسنا أمام ثورة جديدة وقودها الأصوات الجميلة والآلات الموسيقية، بدلا من الرصاص والغازات المسيلة للدموع.
مما نعيشه من واقع مر فنحن نرى، أن الأغنية والأناشيد العربية «الراقية» منها طبعا، هي داخل دوامات الصراعات والمتناقضات السياسية الأيديلوجية التي يمر بها عالمنا العربي والإسلامي. فكم من أغنية عربية أو أنشودة قوية جمعت تحت لوائها من لم يجتمعوا تحت لواء مصلح أو مفكر أو قائد؟!
جميعنا يعلم أن اللحظة التاريخية العظيمة تفرز أغنيات وطنية خالدة، بينما تفرز اللحظة التاريخية الغامضة أغنيات وطنية مثيرة للجدل. وعلى رغم تسلح الأغنيات الوطنية الحديثة بالصور التلفزيونية الحية التي تثبت وقائع الانتفاضة الفلسطينية ومشاهد قتل واعتقال الكبار والصغار من العرب بأيدي الإسرائيليين أو حتى ما يحدث في العراق وفلسطين، وهو ما يضيف إلى الأغنيات بعدا تأثيريّا بصريّا قوامه الصدق والواقعية، فإن غالبية هذه الأغنيات - باستثناء بعض الأوبريتات الناجحة مثل «الحلم العربي»، و»القدس هترجع لنا» - تواجه اتهامات نقدية شرسة بحجة ضعف مستواها الفني من حيث الكلمة واللحن والصوت، وسلبيتها إزاء إثبات موقف مخالف لخيار السلام الاستراتيجي المفروض، فضلا عن الترهل والوقوع في شرك التقليد، والافتقار إلى الهيبة والحافز الحقيقي القوي وراء إبداعها.
ربما ما جعلني أكتب عن «الأغاني الوطنية» والأناشيد الحماسية هو الشريط الأخير للرادود الحسيني حسين الأكراف الذي حمل عنوان «الوعد الصادق» نسبة إلى الانتصار الأخير الذي حققته المقاومة اللبنانية بقيادة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، فهذا الشريط انتشر بشكل كبير في عدد من الدول العربية، بل وقال عنه الكثيرين بأنه يعد بمثابة «صواريخ كاتيوشا» بعيدة المدى، لم تطلقها منصات الصواريخ وإنما أطلقتها «أصوات جميلة».
فعلا هو شريط جميل، فيكفي أن تسمع صوت قويا يقول: «... أطفال قانا تنعى الرجولة... في كل عرش في كل دولة....».
الأغنية أو الأنشودة الوطنية أو الحماسية هي الخالدة في أذهان الناس عل رغم اختلاف أفكارهم وميولهم، بل ان الأغاني التي تعتمد «البياض والحلاوة» الخيار الأولى والأخير لنجاحها لا تستطيع أن تقف أمامها.
العدد 1751 - الجمعة 22 يونيو 2007م الموافق 06 جمادى الآخرة 1428هـ