يستهويني كثيرا أسلوب صاحب ورئيس تحرير صحيفة «الأضواء» المرحوم محمود المردي في تناوله مختلف القضايا؛ فهو يتناول قضايا البلد وقضايا الناس بأسلوب رصين وحكيم وهادئ، من دون أن يثير زوبعة هنا، أو إعصارا هناك.
إني مدين لأبي رائد في تشجيعي على الكتابة الصحافية إلى حد كبير منذ أن كنت طالبا في الثانوية، وذلك بنشره معظم ما أكتبه في صحيفته (الأضواء) وخصوصا في عمود «تعليقات وآراء» مع إبداء ملاحظاته إزاء ما أكتب، إن وُجدت.
ومن ميزات المرحوم المردي أنه يتقبل النقد بصدر رحب، حتى لو كان هذا النقد موجها إليه شخصيا.
أذكر أنه كان في يوم من الأيام نُشِر مقال للمردي أثار ردود فعل متباينة، تلقى المردي على أثره عدة رسائل تتعلق بالموضوع المنشور، وكان أحد تلك الردود مقالا لي تحت عنوان «ما هكذا الصحافة يا أبا رائد»، وكنت اعتقدت أنه لن ينشر لما تضمنه من نقد مباشر للمرحوم المردي نفسه، وكم استغربت حين تم نشر المقال في اليوم الثاني أو الثالث من دون أن تُحذف منه كلمة، مع تعليق من المردي يقول فيه ما مضمونه: «تلقت (الأضواء) رسائلَ كثيرة خاصة بالموضوع، وقد اخترنا هذا الموضوع؛ لأنه اشتمل على الآراء المختلفة».
وإليكم مقال@ نُشر في صحيفة «الأضواء» للمرحوم المردي تحت عنوان «ماضينا الزراعي»... للذكرى فقط:
«كلما استعرض الإنسان في ذهنه ما كانت عليه البحرين من ازدهار زراعي في الماضي غير البعيد، كلما استبد به الألم وأمضته الحسرة على هذا التدهور الذي وصل إليه الإنتاج الزراعي، أو النهضة الزراعية إن صح التعبير. ونحن إذا حاولنا تقصي الأسباب التي أدّت إلى الإهمال الذي يكاد يودي بتاريخ البحرين الزراعي، فقد نرى أن كثيرا من الكتّاب والمفكرين قد أرجعوا ذلك إلى انصراف الأيدي العاملة عن العمل في الحقول الزراعية، واتجاهها نحو الأعمال الأخرى، وعلى رأسها حقول النفط التي وفرت للعامل العادي من الدخل ما لم يكن يوفره له حرث أرضه وزراعتها ومحصولها، إلا أن هذا السبب وحده - وإن كان له بعض الوجاهة - لم يكن ليغري الفلاح المشدود إلى أرضه إلى هجرتها؛ تطلعا إلى مستقبل أفضل في مجالات أخرى من العيش».
@ العمود اليومي للمرحوم المردي في صحيفة «الأضواء»
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1750 - الخميس 21 يونيو 2007م الموافق 05 جمادى الآخرة 1428هـ