العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ

أعداء «العدالة الانتقالية»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تنظم الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان السبت المقبل ورشة «العدالة الانتقالية»، في جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، وسيحضرها ممثلون عن حقوق الإنسان في الخارج؛ لمناقشة واحد من الموضوعات الحسّاسة المعلّقة في بلادنا.

في السنوات السابقة، جرت عدة محاولات لحلحلة الموضوع، ولكنها ارتطمت بحائط صدٍّ سميك. وتم تحريك بعض الأطراف لمعارضة طرح الموضوع، بتبريرات مختلفة واهية، واتضح لاحقا - وتحديدا منذ الصيف الماضي - أن هذه الأطراف متورطةٌ في أعمال خارجة عن سياق العمل الحكومي، وتعمل أحيانا بتوجيهات من جهات ذات أجندات سرية معادية للإصلاح والعدالة وحكم القانون. كما صُدِم الرأي العام ببعض التقارير المثيرة للجدل، التي كشفت حجم الأموال المُنفَقَة على هذه الأنشطة المشبوهة، وتورّط جماعاتٍ من بينها صحافيون وحقوقيون وأكاديميون في تسلّم شيكات لقاء أعمال ذات طابع «تجسّسي» وتآمري ضد المجتمع البحريني.

كان من الواضح للمتتبع أن هناك محاولاتٍ دؤوبة لعرقلة معالجة هذا الملف الإنساني بعد سنوات من عهد الإصلاح. ومع اقتراب موعد عقد الورشة هذا الشهر، استنفرت الأطراف ذاتها لتعيد ترويج بضاعتها القديمة؛ للتشويش على مناقشة قضية وطنية وإنسانية من الدرجة الأولى، في جوٍّ من الانفتاح والشفافية والروح الوطنية.

هذه الأطراف المُسْتَنْفِرة مازالت تعيش وتقتات على مخلّفات الماضي، فهي ليست في وارد فَهْم المستجدات، على رغم وجود أكثر من ضوء أخضرَ يكشف عن رغبةٍ رسميةٍ في طيّ الملف. فهناك لقاء عاهل البلاد بالجمعيات الحقوقية، الذي من المتوقع أنه تناول مساء أمس تنظيم ورشة «العدالة الانتقالية»، التي ستحضرها أيضاوزيرة التنمية الاجتماعية وممثلون عن وزارة الخارجية ومجلس النواب.

هذه المؤشرات توحي للمتابعين بوجود رغبةٍ رسميةٍ في معالجة الموضوع وطيّ الملف الذي طال أكثر من اللازم. وفي الاتجاه المضاد، فإن ما قرأناه من اعتراضاتٍ، يثبت أن بعض الأطراف لا تغيّر مواقفها إلاّ بأوامرَ واضحةٍ ومباشرةٍ من الأعلى، وبالتالي لا نتوقع أن تفهم الرسالة إلاّ بوصول أمر بالكفّ عن التشويش.

«العدالة الانتقالية» ليست بدعة نبتدعها في البحرين، فقد سبقتنا إليها شعوبٌ أخرى ابتُلِيَت بعهود مظلمة سوداء، وخرجت بإرادتها الوطنية الحرّة إلى ضوء الحقيقة، ولم تستكثر على نفسها تطبيق العدالة والقانون. انظروا إلى خريطة العالم لتتأكدوا، من بيرو والأرجنتين وتشيلي غربا، إلى اليونان وتشيكوسلوفاكيا شمالا، إلى غانا وجنوب إفريقيا جنوبا. كلها شعوبٌ انتصرت للعدالة والحقيقة، ونحن شعوبٌ أحق بها وأهلها، بعد أن أكرمنا الله بالإسلام الذي وضع العدل على رأس الحكم والتشريع. من هنا، فإن من المستهجن أن يتصدى «إسلاميون» و«دعاة خلافة إسلامية»، لمعارضة مشروع العدالة الانتقالية، بدعاوى متهافتة، هلّلت لها بعض الصحف فنشرتها بالبونط العريض: «لا حاجة للمصالحة الوطنية»... فهكذا يصل الوضع بـ «أعداء العدالة» إلى الإسفاف.

اليوم هناك قناعة مشتركة - شعبية ورسمية - بضرورة طيّ الملف، فليس من مصلحة الدولة ولا المجتمع، أن يستمر هذا الملف معلّقا ليُعاد فتحه كل بضعة أشهر أو بضع سنوات. وهو ملفٌ إنساني الطابع، لا يقبل المناورات السياسية و«المناكفات»، فمتى نحلم بالعدالة الدائمة لهذا الشعب، إذا وقف البعض مستنفرا أسلحته في وجه العدالة الانتقالية؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً