المشكلة الرئيسية التي لا تزال تواجه سياحة الفضاء هي الكلفة العالية، لأن معظم آلات الدفع تستخدم لمرة واحدة وفي حال أمكن تصميم عربات إطلاق يمكن استخدامها لعدة مرات فإن كلفة السفر ستتقلص، ويبدو أن سوق الفضاء سيتركز على نقل المسافرين على الأقل في المرحلة المقبلة، ولكن فكرة السياحة مستساغة لدى الذين يعتقدون أن الفضاء مرهون بالأبحاث والشئون العسكرية فقط.
ومع أن وكالة الطيران والفضاء الاميركية «ناسا» أنفقت مليارات الدولارات على عدد من التجارب لصنع مركبة أفضل من المكوك الفضائي، الا ان كل هذه التجارب باءت بالفشل الذريع. ومع ذلك توجد مجموعة من علماء الصواريخ وخبراء السياحة تؤمن أن تصميم مركبات فضائية تجارية هو في المنال، الا انها لا تعرف بالتحديد عمليات اقلاعها ووصولها الى الفضاء.
ولا تخفى الجهود المبذولة لإظهار أن السياحة هدف واقعي وممكن ومجرد أن يصبح السفر إلى المدار حقيقة واقعة، وخدمة تجارية فإن الذهاب إليه لن يتجاوز القدرة على توفير ثمن التذكرة، أو السعي للحصول على وظيفة في العديد من الفنادق التي يتوقع ان تنتشر في الفضاء.
وتمضي تلك الطموحات والتوقعات لتبتعد رويدا عن دائرة الخيال، فقد دعمت أخيرا بتقرير عن دراسة علمية صادرة عن الجامعة العالمية لعلوم الفضاء ISU في أميركا وشارك فيها أكثر من 40 متخصصا من 21 دولة، وركزت الدراسة التي كانت جزءا من برامج الجامعة الصيفية للصيف الماضي على دراسة السياحة في الفضاء والتوقعات المستقبلية لها.
وعلى رغم أن هنالك بعض العقبات المتعلقة بجوانب تقنية وطبيعية وتشريعية ومالية، إلا أن المؤشرات تبعث على قدر كبير من التفاؤل في أوساط العاملين بتأكيد واقعية تلك التوقعات، حسبما يشير إليها حديث كارل ديتش مدير جامعة الفضاء العالمية الذي يقول: «إن الأمر بالنسبة لي لا يمثل إطلاقا موضوعا خياليا، إنما كل الوقائع تشير إلى أن أمر سياحة الفضاء سيتحقق يوما ما، وكل ما نحتاجه هو رصد المال اللازم الذي يمكننا من ولوج صناعة سياحة الفضاء والاستفادة من مميزاتها.
وأضاف ديتش معلقا على الدور الحكومي قائلا: إن الحكومات لم تتفاعل ماليا حتى الآن مع ذلك المشروع الذي تؤكد كل المؤشرات على أنه سيكون ناجحا من الناحية التجارية».
وعن مقدار المال المطلوب لتحقيق ذلك الغرض والمدة الزمنية المتوقعة لتحقيقه قال ديتش: إن تنفيذ المشروع يتطلب رصد مبالغ تتراوح ما بين 10 - 15 مليار دولار، ومن الناحية الزمنية فإن الأمر يحتاج إلى فترة تتراوح ما بين 10- 15 سنة، ومن الممكن جدا أن نرى نحو مليون مسافر نحو الفضاء قبل مرور الخمسين عاما المقبلة.
من جانب آخر وعلى نحو مستقل أعلنت هيئة مستقبل صناعة الفضاء الأميركية عن توفر إمكان السياحة الفضائية المدنية على نطاق تجاري، من دون الاعتماد على المبالغ الطائلة التي يدفعها الأغنياء لمثل هذه السفرات، والتي وصل الى 20 مليون دولار لرحلة واحدة. جاء ذلك في تقريرها الأخير المقدم للرئيس الأميركي والكونغرس نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني) الماضي،. وافترضت الهيئة أن يؤدي انتعاش سوق السياحة الفضائية الى المساعدة في تمويل عمليات الإطلاق الفضائية وإخراجها من الكساد الحالي. وقد يساعد الطلب المتزايد للانطلاق للفضاء على خفض كلف عملية الإطلاق بذاتها. وعلى المدى الطويل قد يساعد في دعم صناعة نقل فضائية شبيهة بعمليات الطيران المدني.
وإن صحت نتائج العديد من الاستبيانات والدراسات، فان الناس اصبحوا متلهفين لرؤية مركبة فضائية تجارية تسمح لهم بالسفر الى الفضاء. ولكن انتظار الذين يأملون في مشاهدة الأرض من مدار في المستقبل القريب، سيطول، ما دام برنامج بناء مركبات فضائية لنقل السياح بطيء التقدم.
ففي فبراير/شباط العام 2006 أعلن وزير النقل الأميركي نورمان مينيتا، أن السياحة الفضائية الخاصة ستنطلق العام 2008، عندما يتمكن السياح من السفر الى الفضاء مقابل أجور تدفع للشركات.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ