العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ

البعثة استحقاق طبيعي للتفوق

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

إن جاز لنا التعبير فإننا ننظر إلى البعثة والبعثات باختصار شديد وبعيدا عن المبالغات غير المحسوبة بأنها استحقاق طبيعي للتفوق والجد والاجتهاد، ويجب أن تظل كذلك بعيدة عن التجاذبات المختلفة وأبعادها وتأثيراتها المحتملة.

وحسنا فعلت وزارة التربية والتعليم حينما استجابت اخيرا نتيجة المطالبات الأهلية بالإعلان عبر الصحافة المحلية عن البعثات ومستحقيها بالاسم والرقم الشخصي والمسار الأكاديمي والمعدل التراكمي والبعثة التي حصل عليها الطالب إلى جانب الجامعة، هذا من شأنه أن يكرس مبدأ «لا تبوق ولا تخاف»، كما يبعد الشكوك التي كانت تشوب توزيعات البعثات بشكل غير عادل طوال السنوات الفائتة، بحيث التعليقات التي ترد دائما وهناك بعض الشواهد والمؤشرات الحقيقية، لا تخلو من رائحة التمييز الطائفي لحساب طائفة على حساب الطائفة الأخرى على رغم أن النتائج المعلن عنها تكشف على الدوام لصالح الطائفة المهمشة، وأظن بأن التطورات الأخيرة قللت من مظاهر الحالة التي أشير إليها والذي بينها بشكل فاقع التقرير المثير.

من الملاحظ أن عدد البعثات المعلن عنها حاليا لا ينسجم كلية مع أعداد المتفوقين والمتفوقات اللاتي يكتسحن لوحات الشرف، بل ان عدد البعثات بالنسبة إلى أعدادهم تمثل النصف، ما يعطي انطباعا أوليا بأن نصف أعداد المتفوقين على الأقل لن تكون البعثة من نصيبهم، كما أن البعض منهم دون أدنى شك سيتم إعطاؤه بعثة لا تتوافق مع ميوله واهتماماته وبالتالي لا نتجه بسفينتنا إلى تحقيق الأهداف المنشودة والتي على رأسها تشجيع الطلبة على التفوق وتحفيز المتفوقين لمزيد من التفوق والنجاح، النتيجة بأن الغالبية العظمى من المتفوقين إما أنهم سيعودون بخفي حنين أو أنهم سيشعرون بالغصة وبخيبة أمل حينما سيضطرون إلى دراسة تخصص لا يرغبون فيه، بالرغم من التمسك بالبعثة والاستفادة منها، خصوصا إذا ما علمنا بأن أعداد البعثات محدودة وغير مغرية هي الأخرى، كما أن البعض قد يضطر للتخلي عن بعثته وسيدرس على حسابه الخاص لكونه متمسك بتخصص معين.

الموضوع خطير يا جماعة ولا يمكن تجاهله وله أبعاده المختلفة فالمتفوق الذي سيخرج من المولد بلا حمص وينحدر من أسرة فقيرة أو متوسطة الحال، ستكون لديه ردة فعل قوية سيشعر بعدم التقدير، وبالتالي سيتراجع مستواه التحصيلي طوال وجوده في الجامعة، وعليه أن يدفع ضريبة طموحه وأحلامه، والمتفوق الذي ربما يحالفه الحظ ويحصل على بعثة ولكنها خارج نطاق ميوله واهتماماته ولكنه يتمسك بها نتيجة الضغوط المجتمعية من حوله لكيلا يخسرها ويظل يندب حظه لكونه عجز عن تحقيق حلمه الذي لطالما حلم فيه طوال مسيرة حياته الدراسية نجده يتخلى عنه «مجبر أخاك لا بطل» أيضا له أبعاده المختلفة، فلا نتوقع منه مزيدا من التفوق والنجاح بل مزيدا من الإهمال واللامبالاة، والذين لم يحرزوا تقدما ملموسا وواضحا هم بلا شك السعداء لكونهم رأوا بأم أعينهم ما وقع على زملائهم المتفوقين من ظلموا حسرة، وما شعروا تجاههم من شفقة وبالتالي نخلق لديهم بشكل لا أرادي حالة اللامبالاة غير المقصودة كما أن نظرتهم للتفوق ستتغير وسيرون من خلال عالمهم الخاص بأن التفوق والنجاح الباهر لم يعد هدف يستحق تحقيقه نتيجة الأبعاد الأخرى التي تأتي تباعا.

ما زلنا نتذكر الإحصاءات التي كشفت عنها الجمعية البحرينية للجامعيين والتي رصدت فيها توزيع المتفوقين العام 2005 فكانت النسبة من مجموع المتفوقين كالآتي:

فيما يتعلق بالمحافظات بالترتيب التصاعدي: محافظة الجنوبية 0.14 في المئة، محافظة الشمالية 8.7 في المئة، محافظة الوسطى 11.3 في المئة، محافظة العاصمة 12.2 في المئة، محافظة المحرق 18.6 في المئة.

فيما يتعلق بالمناطق: مدينة حمد 12.5 في المئة، جدحفص 11.1 في المئة، الحد 1.7 في المئة مدينة عيسى 6.4 في المئة، الرفاع 7.9 في المئة، الغربية 3.9 في المئة، سترة 5.3 في المئة، وإن هناك بعض المناطق لا يتجاوز فيها أعداد المتفوقين عن (1) أو (اثنان) كالهملة ومدينة زايد وسفالة ومهزة والمرخ والمقشع والمصلى وعذاري والنعيم والبرهامة والماحوز والسلمانية، ولو وقفنا على الأسباب والعوامل لوجدنا أن هناك سيلا جارفا من الدواعي ولا يمكننا أن نستبعد بطبيعة الحال الافتقاد إلى الحافز أو انعدام الدافعية والتي ربما صعوبة الحصول على بعثة واحدة من بين الأسباب والعوامل المؤثرة في التفوق، ولنا أن نتخيل العكس لكانت النتائج الايجابية تسيطر على الإحصاءات والنتائج.

بحساب الأرقام المتوافرة لدينا فإن عدد البعثات لهذا العام 770 بعثة تقريبا، 10 في المئة منها للمدارس الخاصة ومثلها لأبناء العاملين في التربية، بمعنى أن نصف المتفوقين لن يحصلوا على بعثة، وسيتم منحهم مساعدة مالية لا تتعدى الـ 400 دينار سنويا، وسيترك مصير الكثير من الطلبة المتفوقين لظروفهم الاقتصادية والاجتماعية و......

من الملاحظ أن أعداد البعثات لهذا العام اقل من العام الماضي، على رغم أن الآمال كانت تتجه لزيادتها تبعا لزيادة أعداد المتفوقين والتحديات الكبيرة التي تواجههم، ويحاولون التغلب عليها بحسب تصريحات الطلبة المتفوقين والتحقيقات الصحافية التي جرت لهم فور الإعلان عن النتائج.

علينا أن نتعامل مع موضوع البعثات بعقلانية، فالطالب المتخرج من مدرسة خاصة لا أعتقد بأنها بحاجة مساوية للطالب المتخرج لتوه من مدرسة حكومية وولي الأمر الذي صرف على ابنه طوال الـ 12 عاما لن يكون عاجزا أمام تدريس ابنه في أرقى الجامعات سواء داخل البحرين أو خارجها، فلا داع لمجاملة المدارس الخاصة بتخصيص10 في المئة على الأقل من البعثات لهم، والأولى أن يعاد النظر في الاستراتجية لصالح طالب المدارس الحكومية أو تخصيص عدد معين من البعثات لهم ولكن لا يخصم من أعداد البعثات المخصصة للطلبة المتفوقين.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً