تتحدث حكومات بعض الدول الآسيوية اليوم بلغة تختلف عن تلك التي كانت تتحدث بها مع دول المنطقة الخليجية في السنوات العشر الماضية ولاسيما مع ارتفاع نسبة الانتهاكات والتجاوزات التي تتعرض لها عمالتها الوافدة إلى هذه الدول والتي تصطدم بواقع ضعف الرواتب بالقياس إلى العمل في أعمال شاقة تستغرق ساعات طويلة تحت حرارة الشمس الحارقة ومردود معنوي وحقوقي مهضوم لا يحترم إنسانية هذه الشريحة التي بلا شك ساهمت في عمران جميع العواصم والمدن الخليجية منذ سبعينات القرن الماضي حتى الآن.
مع الأسف، هذه العمالة التي نراها وهي تخرج يوميا مثل أسراب الطير من مشروعات ناطحات السحاب الممتدة على شارع الملك فيصل وغيرها لا تهنأ بمسكن أو طعام لائقين أو أجور مناسبة لحصيلة الجهد المتواصل تحت حرارة شمسنا التي لا يطيقها حتى أهل البلد فما بال هؤلاء الذين رهنوا حياتهم في بلدانهم واقترضوا أموالا فقط بحثا عن ارض الأحلام... هكذا يسمون «الخليج» سعيا إلى تحسين أوضاعهم المادية التي تتحمل فراق الأحباب والأزواج.
هذه الشريحة هي من تبني وتضع الطابوق والاسمنت وتخلط الخرسانة وتخطط وتوزع مهمات العمل من سمكرة إلى تبليط الأرضيات وغيرها وهي التي شيدت أجمل المباني وأكملت المشروعات التي تتباهى بها عواصمنا الخليجية عبر وسائل الإعلام وكأن أيدي أبناء البلد هي من شيدت هذه المباني على حين الحقيقة تقول عكس ذلك، إذ لم تسقط قطرة عرق واحدة من جبين البحريني أو الكويتي أو الإماراتي في بناء هذه المشروعات العملاقة التي تصنعها أيادٍ آسيوية لا نقدرها ولا نحترم حقوقها ولا نتحمل فكرة أن يكون لهذه الشريحة حقوق حالهم حالنا حتى جاء الوقت الذي بدأت فيه حكومات دولهم تطالب بوضع حد أدنى لأجورهم، فالفلبين تطالب بأجرة 150 دينارا بحرينيا لرعاياها من الخدم والعمال في جميع دول الخليج ومازالت المباحثات مستمرة بشأنها ويبدو أنها في الطريق إلى تفعيلها مع إصرار الحكومات الآسيوية التي سئمت كثرة الشكاوى والانتهاكات بحق رعاياها...
فإذا هذا الأمر سيحدث مع العمالة الآسيوية فلابد من إعادة النظر في الأجور التي يتقاضاها المواطن وخصوصا مع فرض ضرائب جديدة، لأن من حق البحريني أن يفرض شروطه التي تؤدي إلى رفع مستوى المعيشة والمساهمة في العملية التنموية حتى تكون هناك عدالة مطبقة على الجميع من دون استثناءات.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ