العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ

العراق قبل أن يكون مسبيا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

أخبار العراق المؤلمة تدمي القلوب، وليس آخرها الفضيحة التي كشفتها محطة «سي.بي.إس» الأميركية التي صورت كاميراتها معوقين يتامى، عراة، جياعا، يقتربون من الموت، مربوطين إلى أسرتهم، على حين الأكل واللبس الذي يتسلمه مشرف المكان المسئول عنهم يتم بيعه في السوق السوداء. الأحياء العراقية يتم تطهيرها طائفيا كل يوم، فالسني لايستطيع أن يعيش في حي غالبيته من الشيعة والعكس صحيح... القوات الأميركية بدأت تسلح المجموعات السنية التي كانت تقاتلها بهدف مساعدتها على القضاء على تنظيم «القاعدة»، ومواجهة جيش المهدي. الإيرانيون يسلحون مجموعات شيعية وسنية، والخليجيون يمولون الجماعات السنية المسلحة، والتبرعات تجمع علانية في مساجد مختلفة في أنحاء الخليج العربي، وترسل الى العراق بهدف المساعدة على سبيه.

قيل إن الرئيس السابق صدام حسين كان قال لمعارضيه إن من أراد العراق فليتسلمه بالدماء، أرضا مملوءة بالقتل والدمار، ولعل نبوءته تحققت... فالعراق الذي يمتلك كل الخيرات، ولديه النفط والماء والزراعة وأفضل الجامعات، وأفضل المناطق السياحية، ومؤهل لأن يكون «كوريا الجنوبية» في منطقتنا، يتمزق يوميا بالقتل والدمار. حتى المساجد لم تسلم من التدمير، تلك هي المساجد التي سلمت من الحروب، أصبحت الآن أهدافا «مشروعة» للجماعات العراقية المسلحة التي حولت العراق إلى جحيم لايطاق.

هذه الحوادث هي التي دفعتني لجمع أفكاري واستعادة جانب من ذاكرتي وكتابة شيء عن العراق، فلقد قضيت طفولتي فيه، أثناء دراسة الوالد المرحوم الشيخ عبدالأمير الجمري العلوم الدينية هناك بين 1962و1973، وأنهيت فيه السنوات الخمس الأولى من الابتدائية، قبل أن أعود إلى بلادي البحرين... بدأت كتابة بعض تلك الذكريات، وأبدأ بنشرها من اليوم في ملحق «فضاءات»، وأسال الله أن يعينني على كتابة ما استطيع من ذكريات، ولعل مايحمسني إلى ذلك رغبتي في العودة قليلا الى الوراء، لأرى ما كانت عليه إحدى المدن العراقية، وكيف كانت الظروف هناك... نعم إنها مذكرات من زمن الطفولة، ولكنني عندما شرعت في كتابتها بدأت أشعر بأن علينا جميعا أن نعي دورنا تجاه مايجري في منطقتنا. فلقد خسرنا فلسطين، ونكاد نخسر العراق، هذا بالإضافة إلى مايجري في أجزاء أخرى من وطننا العربي، في لبنان وفي السودان وفي اليمن والصومال، وفي غيرها من المناطق التي تستحق حياة أفضل من الأوضاع القاسية التي تمر بها أمتنا الآن.

العراق قبل أن يسبيه صدام، وقبل أن يسبيه الاحتلال، وقبل أن تسبيه الجماعات المسلحة، هو أرض الحضارات، الأرض التي نَبَعت منها أول مدنية إنسانية، واخترعت فيها الكتابة قبل آلاف السنين... ولابد لهذا البلد العظيم أن يعود شامخا كما هو تاريخه... والحنين إلى ذلك هو ما دفعني لكتابة جانب من مذكراتي، بدءا من اليوم في ملحق «فضاءات».

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً