العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ

رواية مكسيكية بطلها يوسف رزوقة

فضاءات الوسط - حسّان الباهي 

20 يونيو 2007

يوسف رزوقة الشّاعر الّذي تحدّى حجاب المعاصرة، الواقف بلغاته السّبع في الجهات الأربع والّذي سجّل ولايزال حضوره اللاّفت عربيّا ونال من الحظوة والجوائز ما يجعله في غنى عن مزيد التّعريف به، هو نفسه الشّاعر الّذي نجده هناك، في أوروبّا، سواء عبر حصاده الشّعريّ (خمس مجموعات شعريّة صادرة حديثا بالفرنسية) أو عبر ما كتب عنه، نخصّ بالذّكر كتابا للشّاعرة الفرنسيّة ألاّ فرانس صدر أخيرا تحت عنوان «من أجل نظام شعريّ جديد» وهو يؤرّخ لسيرة يوسف رزوقة على امتداد أربعين سنة، وكتابا ثانيا لأستاذة الأدب الإسباني بجامعة السوربون أود ريشو ديانو، جاء تحت عنوان «شعر يوسف رزوقة أو البحث عن الرّابط الأصيل» وهي عبارة عن مقاربة نقديّة لمجموعاته الشّعرية الخمس الصّادرة بالفرنسيّة.

وهو نفسه الشّاعر الّذي نجده أيضا في أنحاء أميركا اللاتينية بحضوره المكثّف والآسر في آن إلى حدّ أنّ روائيّة مكسيكيّة تدعى ماريا ألخندرا غودينو أصدرت أخيرا رواية في اثنين وعشرين فصلا بعنوان «إيزابيل، سيّدة البحر» اتخذت فيها الشّاعر يوسف رزوقة بطلا أساسيا تتمحور حوله الحوادث والشّخوص وهذه الرّواية الّتي أريد لها أن تدور حوادثها في كلّ من المغرب الأقصى والجزائر وتونس بشخوص إسبانيّة تلتقي كّلها عن يوسف رزوقة إنسانا وشاعرا كوسموبولوتيّا على حدّ تعبير الكاتب البنمي إيدلبرتو غونثالث تريخوس في مقال نقديّ له عنه.

لم يفت هذه الرّوائيّة أن تجعل من هذا الشّاعر وهي تتابع تنامي الحوادث، الشخصيّة الأشدّ حضورا من خلال حركات هذا الشّاعر وسكناته وشعره وخصوصا الذي أوردته على لسانه وعلى علاّته كلّما اقتضت الضّرورة السّرديّة ذلك ليكون للشّاعر، محور الرّواية قول أو ردّ، له على باقي الشّخوص وقع كأنّه سحر.

لقد سبرت الروائيّة أغوار كلّ شخوصها وخصّت شخصيّتها الأساسية ببالغ اهتمامها من دون أن تنسى إلمامها الواسع بتفاصيل المكان المغاربيّ تاريخا وجغرافيا.

رواية مكسيكيّة كهذه عن شاعر عربيّ نعرفه كيوسف رزوقة، قد تبدو فائضا عن مكانه وعن زمانه أيضا، تدل بما لا يدع مجالا لأيّ شكّ، على أن العالم، عالمنا هذا، قد أصبح فعلا قرية كما قال مارشال ماكلوهان، قرية ذابت الحواجز فيها لنرى ما هو بعيد في متناول أحلامنا وأقلامنا.

لقد التقيت أخيرا يوسف رزوقة في الجزائر وقد دعي إليها وهي عاصمة عربيّة للثّقافة؛ لإحياء أمسيّة شعريّة بمكتبتها الوطنيّة مع زميليه أولاد أحمد ويسرى فراوس ولعّل ما لفت انتباهي إليه، انصرافه عن كلّ شيء حوله إلاّ عن الكتابة بحيث ظلّ طوال الوقت في بيته بالفندق بصدد إنهاء أشغال شعريّة جارية بالإسبانيّة عن اليوغا الشعرية مع الشّاعرة الأرجنتينيّة غراسيالا مالاغريدا.

وليس غريبا إذا أن نلمس صدى كلّ هذا في صحافة أميركا اللاّتينيّة الّتي خصّته أخيرا، إلى جانب مقالات أخرى متفرّقة، بمقال نقديّ لافت جاء تحت عنوان «الثّالوث المتمرّد» قورن فيها يوسف رزوقة بشاعرين كبيرين هما علامتان فارقتان: الشّاعر الفرنسي آرثر رامبو والشّاعر السّويدي غونار إيكيلوف على خلفيّة أنّ لثلاثتهم - مع اعتبار خصوصيّة كلّ واحد منهم - هوسا مشتركا في الخروج عن المألوف لغة وتخييلا وحياة.

شاعر وكاتب من سورية

العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً