العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ

الخليج أو ساحل القراصنة

من مذكرات المستشار تشارلز بلجريف

كثيرا ما شكلت مذكرات مستشار الحكومة البحرينية السير تشارلز بلجريف مصدرا مهما للتاريخ في البحرين، في غياب كبير للمدونات التاريخية العربية وحتى الأجنبية، غير الموسوعة الكبيرة للرحالة لوريمر، والمعنونة بـ «دليل الخليج»، تعتبر فترة بلجريف من الفترات المهمة في تاريخ البحرين، منذ العام 1929 حتى العام 1957م، ففي زمنه أخذت البحرين تحولات اقتصادية واجتماعية، كان للمستشار النصيب الأكبر في تدوين هذه الحوادث، لارتباطه بالحوادث من قرب، ولاشتغاله برصد الحدث وتحليله، ومن هنا تأتي أهمية كتاب «ساحل القراصنة»، الذي عكف على ترجمته كل من مهدي عبدالله وفاروق أمين.

صدر الكتاب عن دار الخيال للطباعة والنشر والتوزيع لعام 2006م، وساحل القراصنة كما يقول المترجمان أحد الكتب الثلاثة التي ألفها المستشار، وهذا الكتاب الذي صدرت طبعته الأولى العام 1966م، والثانية العام 1972م، يتحدث عن الخليج العربي، موردا للحوادث التي تناوبت عليه وفيه، وأتت تسميت الكتاب من أعمال القرصنة التي دارت رحاها فيه، غير أنه يركز على فترة معينة، مستندا إلى مذكرات ضابط بريطاني.

يقع الكتاب وهو من القطع المتوسط في 15 فصلا من 200 صفحة، ومقدمة لكل من المؤلف والمترجمين، مع خاتمة كخلاصة للوقت الذي انتهى فيه المؤلف من الكتاب، يقدم المؤلف كتابه بالشكر الضمني ليوميات فرانسيس لوش، أحد الضباط البريطانيين، في سلاح البحرية الملكية، والذي تغطي يومياته الأعوام من 1818 إلى 1820م، معتبرا هذه اليوميات أهم مصدر استقى منه المؤلف معلومات كتابه، ثم يذهب المؤلف في سيرة لوش مستعرضا طفولته إلى حين نزوله إلى سفينة «عدن» المقيمة في الخليج العربي.

يورد المؤلف نصا من يوميات لوش، وهي الرسالة التي كتبها لوش لأبنائه، والتي يستهل فيها: «أبنائي الأعزاء، الصفحات التالية قمت بتجميعها من مذكرات وملاحظات يومية متعددة خلال فترة خدمتي بالبحرية الملكية بمنطقة الخليج، وأثناء عملي ضمن الحملة العسكرية الناجحة التي أدت إلى تدمير قراصنة بحار الخليج والاطاحة بهم، بالاضافة إلى فترة وجودي بالهند.

ولقد احتفظت بهذه الملاحظات والمذكرات لمدة طويلة، من دون قصد الاستفادة منها، لكني عندما أعرضها بصورة عفوية على بعض أصدقائي ومعارفي الحميمين، فإنهم ينصحونني بترتيبها بطريقة يمكن قراءتها على نحو مشوق، إن لم يكن لغرض استفادتكم بها جميعا، وحينما اطلع أصدقاء آخرون على الفكرة بعد ترتيبها، أشاروا عليّ بطباعتها» ثم ينهي المستشار مقدمته وهو يشعر بأن بالسعادة العارمة تملأ قلبه كما يصف، فبعد مرور 130 عاما على يوميات لوش، سترى هذه اليوميات النور أخيرا. من المعروف لدى المؤرخين أن هذه الفترة التي يتناولها الكتاب، كانت فترة مضرة بالنسبة إلى المستعمر الإنجليزي، إذ وجد سراق سفن، ولكن بالمقابل كانت هناك مقاومة، سواء في البحر أو اليابسة، وربما جاء مفهوم «القراصنة» من التراث الإنجليزي وما حوله من بلدان، حيث كان «الفايكن» يعتبرون قراصنة، وعليه فإن أية مقاومة للمستعمر في مجال البحر، يحتمل أن يطلق عليها قرصنة، وما يؤكد ذلك المستشار نفسه بطريق غير مباشر، حين يورد في صفحة 15 أن التسمية كانت تطلق على هذا الساحل قديما، وتغيرت بعد إبرام الاتفاق بين بريطانيا وشيوخ إمارات الساحل إلى «الساحل المتصالح»، إلا أن الأوربيين مازالوا يستخدمون التسمية القديمة، علما بأنها غير متداولة بين السكان العرب، كما يورد المستشار.

في الفصل الأول تناول المؤلف لمحة تاريخية عن الخليج العربي، مبينا مساحته وحدوده، ومشيرا إلى الاكتشافات الأثرية التي حدثت في زمنه، حين توصل علماء الآثار الدنماركيون إلى معلومة مفادها أن جزر البحرين تشكل دلمون القديمة، التي اشتهرت كمركز تجاري منذ 300 ألف سنة قبل الميلاد، وفي جانب آخر يرجع بلجريف وجود القراصنة في الخليج إلى القرن الثامن قبل الميلاد.

أما الفصول فكانت على الشكل التالي، الفصل الثاني لمحة عن تاريخ عمان، الفصل الثالث نشوء الحركة الوهابية وبدء أعمال القرصنة، الفصل الرابع عنونه من بلايموث إلى ترينكومالي، الفصل الخامس بداية المواجهات، الفصل السادس في مسقط، الفصل السابع في البحرين، الفصل الثامن في البصرة، الفصل التاسع زيارة بوشهر ومسقط وموانئ أخرى، الفصل العاشر في بوشهر، الفصل الحادي عشر رحمة بن جابر، الفصل الثاني عشر معركة رأس الخيمة، الفصل الثالث عشر عودة للبحرين، الفصل الرابع عشر تجّار الؤلؤ، ثم أخيرا الفصل الخامس عشر قبل مغادرة الخليج.

العدد 1749 - الأربعاء 20 يونيو 2007م الموافق 04 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً