عندما تشتد حرارة الشمس ويلوذ الناس خلف جدران منازلهم ينسلون من كل مكان إلى المزابل، ويخرجون أكياس القمامة ليبحثوا عن «القواطي» وعن أي شيء يمكن بيعه! مشهد لا يحتاج إلى أي مؤثرات ليكون له وقع في النفس، ولا تستغربوا كثيرا لأن هذه المشاهد تحدث أمام الأعين في مملكة البحرين... المملكة التي تبحث عن حقوق الإنسان!
نعم، هي حكاية من كوكب آخر، فهؤلاء الآسيويون الذين كانوا يحلمون يوما بالمجيء إلى أرض الخيرات، كما تسمى في الهند وغيرها، صدموا بواقع مرير، ولربما كان بقاؤهم وسط الهم والجوع والعطش وحتى موتهم أهون بكثير من المجيء إلى أرض لا تراعى فيهم أية حرمة... قصتهم غريبة لا تحدث إلا في البحرين وهي صاحبة الامتياز في ذلك.
دعونا من العمالة التي تغزو الأسواق وتحتل المراكز على حساب البحرينيين، ولنلتفت إلى عمالة أخرى سلبت كل حقوقها لتعيش وسطنا وتلهو وراء أكياس لم تعد تحوي هذه الأيام إلا أدوات بالية لا تسمن ولا تغني من جوع.
ولا نستغرب حين نسمع بأن الآسيويين من «الفري فيزا» يأكلون من القمامة، ولربما سنصل إلى حال نرى فيه بحرينيين معدمين يأكلون منها أيضا... صحيح أن لدينا بعض البحرينيين ممن يبحثون في القمامة أيضا، ولكن الوضع لم يصل إلى أن يأكلوا من فتاتها، وقد يأتي اليوم الذي نرى فيه ذلك ونتمنى ألا يحدث هذا.
لنترك البحرينيين قليلا، ولنعد مرة أخرى إلى «الفري فيزا»، ولندخل في قراءة سريعة إلى نمط عيشهم وحياتهم، فلو سلمنا بأن كل واحد منهم حصل على «خيشة قواطي» وباعها بدينار - مجرد افتراض- فسيحصل في الشهر على مبلغ 30 دينارا، وهو مطالب أصلا بدفع 50 دينارا، أو ربما أكثر، إلى الكفيل فكيف سيكون الوضع؟ ولا ننسى أنه بحاجة إلى السكن والطعام والشراب والملبس... كل ذلك لا يجعل أمام «الفري فيزا» أي خيار، فإما تسليم الروح إلى بارئها والحياة الآخرة ولو كانت في النار فهي أهون بكثير من نار الدنيا، فهناك على الأقل سيحصلون على العدل الإلهي، وإما الهرب وهو مصيبة أخرى لا تقل عن مصيبة حياتهم اليومية!
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1748 - الثلثاء 19 يونيو 2007م الموافق 03 جمادى الآخرة 1428هـ